للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ". [خ ٨٨٢، م ٨٤٥، ت ٤٩٤، ق ١/ ٢٩٦، ط ١/ ١٠١/ ٣]

===

الجمعة) أي أراد إتيان الجمعة (فليغتسل) استدل بهذا الحديث من قال: بعدم وجوب الغسل للجمعة، ووجه الدلالة أن عثمان - رضي الله عنه - فعله، وأقره عمر - رضي الله عنه - ولم يأمره بالرجوع للغسل، وأقره حاضرو الجمعة، وهم أهل الحل والعقد، ولو كان واجبًا لما تركه ولألزموه به، فعلى هذا الأمر الوارد في الحديث محمول على الندب.

وأجاب عنه الآخرون بأن إنكار عمر - رضي الله عنه - على رأس المنبر في ذلك الجمع على مثل ذلك الصحابي الجليل، وتقرير جمع الحاضرين الذين هم جمهور الصحابة لذلك الإنكار من أعظم الأدله القاضية بأن الوجوب كان معلومًا عند الصحابة، ولو كان الأمر عندهم على عدم الوجوب لما عول ذلك الصحابي في الاعتذار على غيره، فأي تقرير من عمر ومن حضر هذا بعد هذا.

ولعل النووي ومن معه ظنوا أنه لو كان الاغتسال واجبًا لنزل عمر من منبره، وأخذ بيد ذلك الصحابي، وذهب به إلى المغتسل، أو لقال له: لا تقف في هذا الجمع، أو اذهب فاغتسل فإنا سننظرك، أو ما أشبه ذلك، ومثل هذا لا يجب على من رأى الإخلال بواجب من واجبات الشريعة، وغاية ما كُلِّفنا به في الإنكار على من ترك واجبًا هو ما فعله عمر في هذه الواقعة، انتهى، قاله الشوكاني (١).

قلت: وهذا الذي قاله الشوكاني كلام من غفل عما جُبِل عليه عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - من الشدة والغلظة في الدين، وتأديبه


(١) "نيل الأوطار" (١/ ٣٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>