للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: سمِعْتُ رَسُولَ اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "مَنْ سَمِعَ رَجُلًا يَنْشُدُ ضَالَّةً في الْمَسْجِدِ فَلْيَقُلْ: لَا أَدَّاهَا اللهُ إِلَيْكَ، فَإِنَّ الْمَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهَذَا". [م ٥٦٨، جه ٧٦٧، حم ٢/ ٤٢٠، دي ١٤٠١، ق ٢/ ٢٩٧]

===

(أنه سمع أبا هريرة يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: من سمع رجلًا ينشد (١) ضالة) (٢) أي يطلبها برفع الصوت (٣) (في المسجد) متعلق بينشد (فليقل: لا أداها الله إليك) أي لا أوصلها الله إليك، وفي رواية مسلم: "لا ردها الله عليك"، فإنه لما ترك احترام المسجد، ونشد فيه الضالة جوزي بالدعاء عليه بعدم وجدانها، فعلى هذا كلمة لا نافية، ويحتمل أن يكون لا ناهية أي لا تنشد، وقوله: "أداها الله" دعاء له لإظهار أن النهي نصح له، إذ الداعي بخير لا ينهى إلَّا نصحًا، لكن اللائق حينئذ الفصل بأن يقال: لا، وأداها الله إليك بالواو، لأن تركها موهم، إلَّا أن يقال: الموضع موضع زجر فلا يضربه الإيهام لكونه إيهام شيء هو آكد في الزجر، هكذا نقل عن "فتح الودود".

(فإن المساجد لم تبن لهذا) تعليل للحكم، ويحتمل أن يكون من جملة المقول، والإشارة إلى نشدان الضالة، بل المساجد بنيت لذكر الله تعالى وتلاوة القرآن والوعظ، حتى كره مالك (٤) البحث العلمي، وجوزه أبو حنيفة وغيره، ويستثنى من ذلك عقد النكاح فيه.


(١) قال ابن رسلان: بفتح الياء وضم الشين، يقال: نشدت الضالة إذا طلبتها، وأنشدتها عرفتها. (ش).
(٢) بالهاء للذكر والأنثى، والجمع الضوالُّ كدابة ودواب، وهو مخصوص بالحيوان، ويقال لغير الحيوان: ضائع ولقطة. (ش).
(٣) قال مالك وجماعة من العلماء: يكره رفع الصوت للعلم أيضًا، وأباحه أبو حنيفة ومحمد بن مسلمة من أصحاب مالك، "ابن رسلان". وبسطه العيني (٣/ ٥٠٤)، وسيأتي حكم إنشاد الشعر في المسجد في الجمعة. (ش).
(٤) وهل يجوز النوم؟ قال الزيلعي في حاشيته على "الكنز": لا بأس به لغير المعتكف أيضًا، وفي "الدر المختار" (٢/ ٥٢٥): مكروه. (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>