للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا". [خ ٤١٥، م ٥٥٢، ن ٧٢٣، ت ٥٧٢]

===

(وكفارتها) أي إذا فعلها خطأ (دفنها) والضمير للبزاق وتأنيثها باعتبار الخطيئة، قال النووي (١): اعلم أن البزاق في المسجد خطيئة مطلقًا سواء احتاج إليه أو لم يحتج، بل يبزق في ثوبه، فإن بزق في المسجد فقد ارتكب الخطيئة، وعليه أن يكفر هذه الخطيئة بدفن البزاق، هذا هو الصواب كما صرح به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال العلماء والقاضي عياض: فيه كلام باطل.

حاصله: أن البزاق ليس بخطيئة إلَّا في حق من لم يدفنه، وأما من أراد دفنه فليس بخطيئة، واستدل له بأشياء باطلة، فقوله هذا باطل صريح مخالف لنص هذا الحديث ولما قاله العلماء، نبهت عليه لئلا يغتر به.

واختلف العلماء في المراد بدفنها، فالجمهور قالوا: المراد دفنها في تراب المسجد ورمله وحصاته إن كان فيه تراب أو رمل أو حصاة ونحوها، وإلَّا فيخرجها.

قال الحافظ في "الفتح" (٢): وحاصل النزاع أن هاهنا عمومين تعارضا، وهما: قوله: "البزاق في المسجد خطيئة" وقوله: "وليبصق عن يساره أو تحت قدمه"، فالنووي يجعل الأول عامًا ويخص الثاني بما إذا لم يكن في المسجد، والقاضي بخلافه يجعل الثاني عامًا ويخص الأول بمن لم يرد دفنها، وقد وافق القاضي جماعة منهم ابن مكي في "التنقيب" والقرطبي في "المفهم" وغيرهما.

ويشهد لهم ما رواه أحمد (٣) بإسناد حسن من حديث سعد بن أبي وقاص مرفوعًا: قال: "من تنخم في المسجد فليغيب نخامته أن تصيب جلد مؤمن أو ثوبه فتؤذيه".

وأوضح منه في المقصود ما رواه أحمد والطبراني (٤) بإسناد حسن من


(١) "شرح صحيح مسلم" (٣/ ٤٦).
(٢) "فتح الباري" (١/ ٥١١).
(٣) "مسند أحمد" (١/ ١٧٩).
(٤) "مسند أحمد" (٥/ ٢٦٠)، "المعجم الكبير" (٨٠٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>