للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال في "البدائع" (١): وإذا كان سوى الإِمام اثنان يتقدمهما في ظاهر الرواية" وروي عن أبي يوسف أنه يتوسطهما، لما روي عن عبد الله بن مسعود: أنه صلَّى بعلقمة والأسود وقام وسطهما، وقال: "هكذا صنع بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" (٢)، ولنا ما روينا: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلَّى بأنس واليتيم وأقامهما خلفه"، وهو مذهب علي وابن عمر، وأما حديث (٣) ابن مسعود فهذه الزيادة وهي قوله: "هكذا صنع بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" لم ترو في عامة الروايات فلم تثبت، وبقي مجرد الفعل، وهو محمول على ضيق المكان، قاله إبراهيم (٤) النخعي، وهو كان أعلم بأحوال عبد الله ومذهبه، ولو ثبتت الزيادة فهي أيضًا محمولة على هذه الحالة، أي هكذا صنع بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند ضيق المكان، غير أن هاهنا لو قام الإِمام وسطهما لا يكره لورود الأثر وكون التأويل من باب الاجتهاد، انتهى ملخصًا.

قال القاري في "شرح المشكاة" (٥): وإذا صح الرفع فالجواب إما بأنه فعله لضيق المكان، أو ما قال الحازمي بأنه منسوخ, لأنه إنما نعلم هذه الصلاة بمكة إذ فيها التطبيق وأحكام أخرى هي الآن متروكة، وهذه من جملتها، ولما قدم عليه السلام المدينة تركه بدليل حديث جابر، فإنه شهد المشاهد التي بعد بدر، انتهى.

قال ابن الهمام (٦): وغاية ما فيه خفاء النسخ على عبد الله وليس ببعيد، إذ لم يكن دأبه عليه السلام إلَّا إمامة الجمع الكثير دون الاثنين، إلَّا في الندرة


(١) "بدائع الصنائع" (١/ ٣٩٠).
(٢) أخرجه مسلم في "صحيحه" (٥٣٤).
(٣) وفي "الهداية" (ص ٥٧): حديث أن حجة لبيان الأفضل، وحديث ابن مسعود لبيان الجواز. (ش).
(٤) هكذا في "البدائع"، ويشكل عليه أن الطحاوي حكى عن إبراهيم مثل ابن مسعود. (ش).
(٥) "مرقاة المفاتيح" (٣/ ٧٥).
(٦) "فتح القدير" (١/ ٣٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>