للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

تمسك القائلون بعدم الصحة بهذا الحديث وبحديث علي بن شيبان الذي أخرجه أحمد وابن ماجه (١): "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا يصلي خلف الصف، فوقف حتى انصرف الرجل، فقال له: استقبل صلاتك، فلا صلاة لمنفرد خلف الصف".

واستدل القائلون بالصحة بحديث أبي بكرة الذي أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي أنه انتهى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو راكع، فركع قبل أن يصل إلى الصف، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "زادك الله حرصًا ولا تعد".

وفي هذا الحديث أنه ركع دون الصف، فلم يأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بإعادة الصلاة، فلو كان من صلَّى خلف الصف لا تجزئه صلاته لكان من دخل في الصلاة خلف الصف لا يكون داخلًا فيها.

ألا ترى أن من صلَّى على مكان قذر أن صلاته فاسدة؟ ومن افتتح الصلاة على مكان قذر، ثم صار إلى مكان نظيف أن صلاته فاسدة، فكان كل من افتتح الصلاة في موضع لا يجوز له أن يأتي بالصلاة فيه بكمالها لم يكن داخلاً في الصلاة، فلما كان دخول أبي بكرة في الصلاة دون الصف دخولًا صحيحًا كانت صلاة المصلي كلها دون الصف صلاة صحيحة.

وأما حديث وابصة وعلي بن شيبان فليس فيه ما يدل على خلاف ما قلنا، لأنه يمكن أن يكون أمره إياه بإعادة (٢) الصلاة, لأنه كان أساء وارتكب الكراهة، فأمره بالإعادة زجرًا وتنبيهًا على ذلك، لا لأنه لا صلاة له، كما أمر


(١) أخرجه أحمد في "مسنده" (٤/ ٢٣)، وابن ماجه في "سننه" (١٠٠٣)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (١/ ٣٩٤).
(٢) وفي "البدائع" (١/ ٣٦٤): وأمره عليه الصلاة والسلام بالإِعادة شاذ، ولو صح محمول على أنه كان بينه وبين الصف ما يمنع الاقتداء، وفي الحديث ما يدل على ذلك, لأنه قال: "في ناحية من الأرض". (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>