لإمكان عدم العلم برفع اليدين عند تكبيرات العيدين والقنوت، والحصر مبني على العلم بخلاف تكبيرات سائر الصلوات، فإن عدم العلم فيها للصحابة الكثيرة الملازمة في حكم عدم العلم لمعاينة الصلاة النبوية، ومشاهدتها في الجماعات خمس مرات كل يوم بليلة، وكذا على تقدير عدم لفظ الحصر في الرواية لا ورود له أصلًا، وأما على تقدير الرفع مع لفظ الحصر فيثبت هذا الرفع الخارج بأحاديث أخر متأخرة لا مَرَدَّ لها.
وتأول صاحب "البحر الرائق"(١) وقال: لا يرفع يديه على وجه السنة المؤكدة إلَّا في هذه المواضع، وليس مراده النفي مطلقًا, لأن رفع الأيدي وقت الدعاء مستحب، كما عليه المسلمون في سائر البلاد، وهكذا ذكر العيني في "شرح الهداية".
والخامس: بأن ابن عباس روى هذا الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثبت عنه خلاف ذلك بأنه رفع اليدين عند الركوع، والحنفية قالوا بأن الراوي إذا عمل بخلاف مرويه أضر ذلك بحديثه خصوصًا إذا كان الراوي صحابيًا.
قال في "التوضيح" في فصل الطعن: والأول إما بأن عمل بخلافه بعد الرواية فيصير مجروحًا كحديث عائشة: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل"، ثم زوجت بعده ابنة أخيها عبد الرحمن وهو غائب، وكحديث ابن عمر في رفع اليدين في الركوع، وقال مجاهد: صحبت ابن عمر عشر سنين فلم أره رفع يديه إلَّا في تكبيرة الافتتاح، انتهى.
وهذا الحديث الذي رواه ابن عباس في منع رفع اليدين ثم مخالفته له تقتضي أن يكون الحديث على قاعدة الحنفية مجروحًا غير قابل الاستدلال، فكيف يستدلون به على خلاف قاعدتهم؟