للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لِلَّذِى فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا مُسْلِمًا, وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ, إِنَّ صَلَاتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِى للهِ

===

والإخلاص وإلا كان كاذبًا، وأقبح الكذب ما يكون والإنسان واقف بين يدي من لا يخفى عليه خافية.

(للذي فطر السموات والأرض) أي للذي خلقهما وعملهما من غير مثال سبق، وإنما جمع السماوات لسعتها، أو لاختلاف طبقاتها، أو لتقدم وجودها، أو لشرف جهتها، أو لفضيلة جملة سكانها، أو لأنها أفضل على الأصح عند الأكثر، وإلَّا فالأرض سبع أيضًا على الصحيح لقوله تعالى: {وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} (١)، ولما ورد: "ورب الأرضين السبع" قاله القاري (٢).

وقال الشوكاني: قال القاضي أبو الطيب: لأنا لا ننتفع من الأرض إلَّا بالطبقة الأولى، بخلاف السماء فإن الشمس والقمر والكواكب موزعة عليها.

(حنيفًا) أي مائلًا عن كل دين باطل إلى الدين الحق ثابتًا عليه، وانتصابه على الحال (وما أنا من المشركين) فيه تأكيد وتعريض. (إن صلاتي) أي عبادتي وصلاتي، وفيه شائبة تعليل لما قبله (ونسكي) أي: ديني، وقيل: عبادتي أو تقربي أو حجي، وجمع بينهما لقوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (٣) وقيل: هو من ذكر العام بعد الخاص (ومحياي ومماتي) أي حياتي وموتي، والجمهور على فتح الياء الآخرة في محياي، وقرئ بإسكانها (لله).

وقيل: طاعات الحياة والخيرات المضافة إلى الممات كالوصية والتدبير، أو حياتي وموتي لله لا تصرف للغير فيهما، أو ما أنا عليه من العبادة في حياتي خالصة لوجه الله تعالى، أو إرادتي من الحياة والممات خالصة لذكره وحضوره


(١) سورة الطلاق: الآية ١٢.
(٢) "مرقاة المفاتيح" (٢/ ٢٧٢).
(٣) سورة الكوثر: الآية ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>