للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وترك الكلام، فإن التعليل بمقت الله عَزَّ وَجلَّ يدل على حرمة الفعل المعلَّل ووجوب اجتنابه، وقيل: إن الكلام في تلك الحالة مكروه فقط، والقرينة الصارفة إلى معنى الكراهة الإجماع على أن الكلام غير محرم في هذه الحالة، ذكره الإِمام المهدي في "الغيث"، فإن صح الإجماع صلح للصرف عند القائل بحجيته، ولكنه يبعد حمل النهي على الكراهة ربطه بتلك العلة، انتهى ملخصًا.

قلت: لا يبعد حمل النهي على الكراهة, لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل الفعلين علة للمقت، فلا يلزم أن يكون كل واحد منهما علة مستقلة، بل يجوز أن يكون المجموع من حيث المجموع علة، أو أن يكون أحد الفعلين أو كل واحد منهما علة، وقد اتفقت الأمة على أن التعري وكشف العورة حرام، وسبب لمقت الله عَزَّ وجلَّ (١)، فضم إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التحدث لزيادة الشناعة والقبح، فعلى هذا لا يدل ربطه بالعلة على حرمة التحدث.

وأيضًا أخرج مسلم والنسائي (٢) عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كنت أغتسل أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إناء واحد، فيبادرني وأبادره حتى يقول: دعي لي، وأقول أنا: دع لي"، هذا لفظ النسائي.

وأما لفظ مسلم: "قالت: كنت أغتسل أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إناء بيني وبينه واحد، فيبادرني حتى أقول: دع لي دع لي"، وهذه الرواية تدل على التحدث والكلام في حالة الغسل وهي حالة الكشف غالبًا، وهذه الرواية وإن كانت لا تدل صريحًا على التكشف ولا على التستر، ولكن


(١) وجاء في "مجمع الزوائد" (٤/ ٢٩٤): مقته عَز وَجل على الزوجين ينظر أحدهما إلى عورة صاحبه، سنده ضعيف. (ش).
(٢) صحيح مسلم (٣٢١)، و"سنن النسائي" (٢٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>