للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

عن لبس الحرير إلَّا موضع أصبعين أو ثلاث أو أربع، وزاد فيه أحمد وأبو داود: وأشار بكفه، وهذا الحديث فيه دلالة على أنه يحل من الحرير مقدار أربع أصابع كالطراز والسنجاف، من غير فرق بين المركب على الثوب والمنسوج والمعمول بالإبرة والترقيع كالتطريز، ويحرم الزائد على الأربع.

واختلف في إلباسه الصبيان، فحرمها الإِمام أبو حنيفة، وأباحها الإِمام الشافعي، قال الشوكاني في "النيل" (١): واختلفوا في الصغار هل يحرم إلباسهم الحرير أم لا؟ فذهب الأكثر إلى التحريم، قالوا: لأن قوله: "وحرم على ذكور أمتي" يعمهم، وقد روي أن إسماعيل بن عبد الرحمن دخل على عمر، وعليه قميص من حرير وسواران من ذهب، فَشَقَّ القميص، وفَكَّ السوارين، وقال: اذهب إلى أمك، وقال محمد بن الحسن: إنه يجوز إلباسهم الحرير، وقال أصحاب الشافعي: يجوز في يوم العيد, لأنه لا تكليف عليهم، وفي جواز إلباسهم ذلك في باقي السنَّة ثلاثة أوجه، أصحها: جوازه، والثاني: تحريمه، والثالث: يحرم بعد سن التمييز، انتهى ملخصًا.

قلت: ما نسب الجواز إلى الإِمام محمد بن الحسن، فلم أجده في كتب الحنفية، بل قال الإِمام محمد بن الحسن في "موطئه" (٢): قال محمد: لا ينبغي للرجل المسلم أن يلبس الحرير والديباج والذهب، كل ذلك مكروه للذكور من الصغار والكبار، ولا بأس به للإناث، ولا بأس به أيضًا بالهدية إلى المشرك المحارب ما لم يهد إليه سلاح أو درع، وهو قول أبي حنيفة والعامة من فقهائنا، وفي إرسال عمر -رضي الله عنه - حلته إلى أخ له مشرك بمكة دليل على أن الكفار غير مكلفين بالفروع، فإن عمر - رضي الله عنه - كان على يقين من أن أخاه المشرك لا يتوقى من لبسه، والظاهر أن إرسالها إليه كان على علم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبإذنه.


(١) "نيل الأوطار" (١/ ٥٥٨، ٥٥٩).
(٢) انظر: "التعليق الممجد" (٣/ ٣٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>