للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

فحديث الباب وما في معناه يدل على عدم جوازه، ويعارضه ما سيأتي من قصة عمر وحسان، وتصريح حسان بأنه ينشد الشعر بالمسجد، وفيه رسول الله (١)، وكذلك حديث جابر بن سمرة الآتي وهو أنه قال: شهدت النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر من مأة مرة في المسجد، وأصحابه يتذاكرون الشعر وأشياء من أمر الجاهلية، فربما تبسم معهم، رواه أحمد، وأخرجه الترمذي (٢) وصححه، وقد جمع بين الأحاديث بوجهين:

الأول: حمل النهي على التنزيه، والرخصة على بيان الجواز.

والثاني: حمل أحاديث الرخصة على الشعر الحسن المأذون (٣) كهجاء حسان للمشركين، ومدحه - صلى الله عليه وسلم - وغير ذلك، ويحمل النهي على التفاخر والهجاء ونحو ذلك.

وقد جمع الحافظ (٤) يحمل النهي على تناشد أشعار الجاهلية والمبطلين، وحمل المأذون فيه على ما سلم من ذلك، لكن حديث جابر بن سمرة فيه التصريح بأنهم كانوا يتذاكرون الشعر وأشياء من أمر الجاهلية، قال: وقيل: المنهي عنه ما إذا كان التناشد غالبًا على المسجد حتى يتشاغل به من فيه.

قال ابن العربي (٥): لا بأس بإنشاد الشعر في المسجد إذا كان في مدح


(١) انظر: "صحيح البخاري" (٣٢١٢)، و"صحيح مسلم" (٢٤٨٥)، و"سنن النسائي" (٧١٦).
(٢) انظر: "مسند أحمد" (٥/ ٩١، ١٠٥)، و"سنن الترمذي" (٢٨٥٠).
(٣) وإليه مال الطحاوي، وأشار إلى أن ذكر المسجد اتفاقي، فالإذن للشعر المباح ما لم يغلب، والمنع للمنهي عنه، وفي "الدر المختار": يكره الإنشاد إلَّا ما فيه ذكر، وبسط عليه الكلام العيني (٣/ ٤٨٩)، وقال ابن العربي (٢/ ١١٩): لا بأس به إذا كان لأمر الدين وإن كان فيه ذكر الخمر. (ش).
(٤) انظر: "فتح الباري" (١/ ٥٤٩).
(٥) "عارضة الأحوذي" (٢/ ١١٩، ١٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>