للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

فيها، ويؤيد إسرار القراءة حديث ابن عباس - رضي الله عنه - أنه - صلى الله عليه وسلم - قام قيامًا طويلًا نحوًا من سورة البقرة، فلو جهر لم يقدره بما ذكر، ويعارضه ما رواه الخمسة (١) من حديث عائشة، وصححه الترمذي وفيه: "فجهر بالقراءة" فإنه صريح في الجهر، وقال في "منتقى الأخبار" (٢) بعد نقل حديث سمرة في إسرار القراءة: وهذا يحتمل أنه لم يسمعه لبعده لأن في رواية مبسوطة له: "أتينا والمسجد قد امتلأ".

قلت: وقد تقدم ما فيه بأن الخطابي والأزهري قالا: إن لفظ الرواية "وإذا هو بِأَزَزٍ" وخطّآ ما في جميع النسخ من لفظ: وهو بارز، من البروز، وليس لهما مستند إلَّا أنفسهما فيما علمت، وليس لهما سلف من المحدثين قبلهما، بل الأقرب أن يقال: إن عائشة -رضي الله تعالى عنها - لم تكن قريبة من النبي - صلى الله عليه وسلم - بل كانت خلف الصفوف، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكبر أحيانًا في الصلاة ويسبح فيها بما ظهر له من الوقائع والحوادث، وقد يقرأ شيئًا من القرآن يجهر بها، فظنت بذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجهر بالقراءة.

وقد ذهب إلى الجهر أحمد وإسحاق وابن خزيمة وابن المنذر وغيرهما من محدثي الشافعية، وبه قال أبو يوسف ومحمد بن الحسن صاحبا أبي حنيفة وابن العربي من المالكية، وحكى النووي عن الشافعي ومالك وأبي حنيفة والليث ابن سعد وجمهور الفقهاء أنه يسر في كسوف الشمس. وقال الطبري: يخير بين الجهر والإسرارز

قال البخاري: حديث عائشة في الجهر أصح من حديث سمرة، ورجح الشافعي رواية سمرة بأنها موافقة لرواية ابن عباس المتقدمة ولروايته الأخرى،


(١) أخرجه البخاري (١٠٤٤)، ومسلم (٩٠١)، وأبو داود (١١٨٠)، والترمذي (٥٦١)، والنسائي (١٤٧٣)، وابن ماجه (١٢٦٣).
(٢) انظر: "نيل الأوطار" (٢/ ٦٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>