للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وأخرج البخاري من هذا الوجه بلفظ: "تسعة عشر"، وقد تقدم من حديث عمران بن حصين، وفيه: "فأقام بمكة ثماني عشرة ليلة"، وسيأتي من طريق ابن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس: "أقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح خمسة عشر (١) يومًا".

وجمع البيهقي بين هذا الاختلاف بأن من قال: "تسع عشرة" عد يومي الدخول والخروج، ومن قال: "سبع عشرة" حذفهما، ومن قال: "ثماني عشرة" عد أحدهما.

وأما رواية خمسة عشر فضعفها النووي في "الخلاصة"، وليس بجيد, لأن رواتها ثقات، ولم ينفرد بها ابن إسحاق، فقد أخرجها النسائي (٢) من رواية عراك بن مالك عن عبيد الله كذلك، وإذا ثبت أنها صحيحة فليحمل على أن الراوي ظن أن الأصل رواية سبع عشرة، فحذف منها يومي الدخول والخروج، فذكر أنها خمس عشرة، واقتضى ذلك أن رواية تسع عشرة أرجح الروايات، وبهذا أخذ إسحاق بن راهويه، ويرجحها أيضًا، أنها أكثر ما وردت به الروايات الصحيحة.

وأخذ الثوري وأهل الكوفة رواية خمس عشرة لكونها أقل ما ورد، فيحمل ما زاد على أنه وقع اتفاقًا، وأخذ الشافعي بحديث عمران بن حصين، لكن محله عنده فيمن لم يُزْمِع الإقامة، فإنه إذا مضت عليه المدة المذكورة وجب عليه الإتمام، فإن أزمع الإقامة في أول الحال على أربعة أيام أتم، على خلاف بين أصحابه في دخوله يومي الدخول والخروج فيها أو لا، وحجته حديث أنس الذي يليه، قاله الحافظ في "الفتح" (٣).


(١) وأورده النيموي بطريقين عن ابن عمر أنه إذا أراد الإقامة بمكة خمسة عشر يومًا أتم. (انظر: "آثار السنن" ٢/ ٦٦). (ش).
(٢) انظر: "سنن النسائي" (١٤٥٣).
(٣) "فتح الباري" (٢/ ٥٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>