للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَقَرَأَ فَرَفَعَ صَوْتَهُ بالْقُرْآنِ فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "يَرْحَمُ اللَّهُ فُلَانًا كَأَيِّن (١) مِنْ آيَةٍ أَذْكَرَنِيهَا اللَّيْلَةَ كُنْتُ قَدْ أَسْقَطْتُهَا". [خ ٥٠٤٢، م ٧٨٨، "السنن الكبرى" للنسائي ٨٠٠٦، ق ٣/ ١٢]

===

(قام من الليل فقرأ فرفع صوته بالقرآن) يحتمل أن قراءته كانت بالصلاة أو خارجها (فلما أصبح) أي دخل في الصباح (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يرحم الله فلانًا) دعاء له (كأين) بكاف وهمزة مفتوحتين وتحتانية مكسورة مشددة في آخره نون ساكنة بمعنى كم (من آية) قال في "القاموس": وكأين وكائن بمعنى كم في الاستفهام والخبر، مركب من كاف التشبيه وأيٍّ المنونة، ولهذا جاز الوقف عليها بالنون، ورسم في المصحف نونًا (أذكرنيها الليلة كنت قد أسقطتها).

قال الحافظ (٢): لم أقف على تعيين الآيات المذكورة، وفي رواية: "كنت أنسيتها" قال الحافظ: هي مفسرة لقوله: "أسقطتها" فكأنه قال: أسقطتها نسيانًا لا عمدًا، وفي رواية معمر عن هشام عند الإسماعيلي "كنت نسيتها" بفتح النون ليس قبلها همزة.

قال الإسماعيلي: النسيان من النبي - صلى الله عليه وسلم - لشيء من القرآن يكون على قسمين: أحدهما: نسيانه الذي يتذكره عن قريب، وذلك قائم بالطباع البشرية، وعليه يدل قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن مسعود في السهو: "إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون" (٣). والثاني: أن يرفعه الله عن قلبه على إرادة نسخ تلاوته، وهو المشار إليه بالاستثناء في قوله تعالى: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} (٤)، قال: فأما القسم الأول فعارض سريع الزوال لعارض (٥) قوله تعالى:


(١) في نسخة: "كأي".
(٢) "فتح الباري" (٩/ ٨٥ - ٨٦).
(٣) أخرجه البخاري (٤٠١)، ومسلم (٨٩/ ٥٧٢)، والنسائي (١٢٤٤)، وأبو داود (١٠٢٠)، وابن ماجه (١٢١١).
(٤) سورة الأعلى: الآية ٦.
(٥) كذا في الأصل، والصواب: لظاهر قوله تعالى، كما في "فتح الباري" (٩/ ٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>