للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

والأصل عند أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله-: أن الوجوب يتعلق بالنصاب دون العفو، وعند محمد وزفر - رحمهما الله - يتعلق بهما جميعًا، واحتجا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "في خمسٍ من الإبل شاةٌ إلى تسعٍ" أخبر أن الوجوب يتعلق بالكل، ولأن سبب الوجوب هو المال النامي، والعفو مال نام، ومع هذا لا تجب بسببه زيادة على أن الوجوب في الكل، نظيره إذا قضى القاضي بحق بشهادة ثلاثة نفر كان قضاؤه بشهادة الكل وإن كان لا حاجة إلى القضاء إلى الثالث، وإذا ثبت أن الوجوب في الكل فما هلك يهلك بزكاته، وما بقي يبقى بزكاته كالمال المشترك.

واحتج أبو حنيفة وأبو يوسف - رحمهما الله- بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث عمرو بن حزم: "في خمس من الإبل السائمة شاة، وليس في الزيادة شيء حتى تكون عشرًا"، وقال في حديثه أيضًا: "في خمس وعشرين من الإبل بنت مخاض، وليس في الزيادة شيء إلى خمس وثلاثين"، وهذا نص على أن الواجب في النصاب دون الوقص، ولأن الوقص والعفو تبع للنصاب [لأن النصاب] باسمه وحكمه يستغني عن الوقص، والوقص باسمه وحكمه لا يستغني عن النصاب.

والمال إذا اشتمل على أصل وتبع، فإذا هلك منه شيء يصرف الهلاك إلى التبع دون الأصل، كمال المضاربة إذا كان فيه ربح فهلك شيء منه يصرف الهلاك إلى الربح كذا هذا.

وعلى هذا، إذا حال الحول على ثمانين شاة، ثم هلك أربعون منها، وبقي أربعون، فعليه في الأربعين الباقية شاة كاملة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله-؛ لأن الهلاك يصرف إلى العفو أولًا عندهما، فجعل كأن الغنم أربعون من الابتداء، وفي قول محمد وزفر: عليه في الباقي نصف شاة، لأن الواجب في الكل عندهما، وقد هلك النصف فيسقط الواجب بقدره، ولو هلك منها عشرون، وبقي ستون، فعليه في الباقي شاة عند أبي حنيفة وأبي يوسف،

<<  <  ج: ص:  >  >>