للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ, وَالْعَبَّاسُ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «مَا يَنْقِمُ ابْنُ جَمِيلٍ إلَّا أَنْ كَانَ فَقِيرًا فَأَغْنَاهُ اللَّهُ, وَأَمَّا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ, فَإِنَّكُمْ تَظْلِمُونَ خَالِدًا, فَقَدِ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتُدَهُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ،

===

ابن جريج: أبو جهم بن حذيفة، بدل: ابن جميل، وهو خطأ لإطباق الجميع على ابن جميل، وذكر بعض المتأخرين أن أبا عبيد البكري ذكر في "شرح الأمثال" له: أنه أبو جهم بن جميل (وخالد بن الوليد، والعباس) بن عبد المطلب.

(فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما ينقم) بكسر القاف أي ما ينكر أو يكره (ابن جميل إلَّا أن كان فقيرًا فأغناه الله). وفي رواية البخاري (١): "فأغناه الله ورسوله"، قال الحافظ: إنما ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نفسه لأنه كان سببًا لدخوله في الإِسلام، فأصبح غنيًّا بعد فقره بما أفاء الله على رسوله، وأباح لأمته من الغنائم، وهذا السياق من باب تأكيد المدح (٢) بما يشبه الذم؛ لأنه إذا لم يكن له عذر إلَّا ما ذكر من أن الله أغناه فلا عذر له، وفيه التعريضُ بكفران النعم وتقريع بسوء الصنيع في مقابلة الإحسان.

(وأما خالد بن الوليد فإنكم تظلمون خالدًا) أي تظلمونه بطلب الزكاة منه إذ ليس عليه زكاة؛ لأنه (فقد احتبس) أي وقف (أدراعه) جمع الدرع (وأعتُدَه) جمع عتاد، وهو ما أعده الرجال من السلاح والدواب وآلات الحرب (في سبيل الله عزَّ وجلَّ) وأنتم تظلمونه بأن تعدوها من عروض التجارة فتطلبون الزكاة منه.

وفيه دليل على جواز احتباس آلات الحرب حتى الخيل والإبل والثياب والبسط، وعلى جواز وقف المنقولات كما قال به محمد - رحمه الله -، وقيل: تظلمونه بدعوى منع الزكاة منه، والحال أنه قد وقف تبرعًا سلاحَه في سبيل الله، أو قصد باحتباسها إعدادها للجهاد دون التجارة، وقيل: تظلمونه بطلب ما زاد على الواجب، فإنه قد احتبس الأدراع والأعتد في سبيل الله، فكيف يمنع الزكاة


(١) "صحيح البخاري" (١٤٦٨).
(٢) كتب الشيخ محمد أسعد الله: بل تأكيد الذم بما يشبه المدح. (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>