للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثُمَّ دَعَا ببَدَنَهٍ (١) فَأَشْعَرَهَا مِنْ صَفْحَةِ سَنَامِهَا الأَيْمَنِ، ثُمَّ سَلَتَ عَنْهَا (٢) الدَّمَ

===

من ذي القعدة بعد أن صلى الظهر أربعًا بالمدينة بالمسجد، وخرج بين الظهر والعصر فنزل بذي الحليفة، فصلى بها العصر ركعتين، ثم بات بها، وصلى بها المغرب والعشاء والصبح والظهر، فصلى بها خمس صلوات، فالمراد بما وقع في الحديث أنه صلى الظهر بذي الحليفة أي ظهر اليوم الثاني.

(ثم دعا ببدنة فأشعرها) أي شق (من صفحة سنامها الأيمن، ثم سلت) (٣) أي مسح وأماط (عنها الدم)، واختلفوا في الإشعار، فقال أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله-: أشعر البدنة، وقال أبو حنيفة: لا يشعر ويكره.

قال في "الهداية" (٤): وأشعر البدنة عند أبي يوسف ومحمد، ولا يشعر عند أبي حنيفة - رحمه الله - ويكره، وهذا الصنع مكروه عند أبي حنيفة - رحمه الله -، وعندهما [حسن]، وعند الشافعي سنة, لأنه مروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن الخلفاء الراشدين - رضي الله عنهم-. ولأبي حنيفة أنه مثلة، وأنه منهي عنه، ولو وقع التعارض بين كونه سنة وبين كونه مثلة فالترجيح للمحرم.

واعترض عليه أولًا بأنه ليس كل جرح مثلة، بل هو ما يكون تشويهًا كقطع الأنف والأذنين وسمل العيون، فلا يقال لكل من جرح مثل به.

وثانيًا أن النهي عن المثلة كان بأثر قصة العرنيين عقب غزوة أحد، والإشعار عام حجة الوداع، فأين التعارض؟

وأجاب صاحب "العناية" بأن عمران بن الحصين روى: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما قام خطيبًا إلا نهانا عن المثلة"، فكان الإشعار منسوخًا، فلا أقل من التعارض.


(١) في نسخة: "ببدنته".
(٢) في نسخة: "الدم عنها".
(٣) بل مسح عليها، وإلَّا لم يظهر للإشعار فائدة، كذا في "الكوكب" (٢/ ١٣١). (ش).
(٤) انظر: "الهداية" (١/ ١٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>