للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

(تكميل): الطواف الذي ذكر في هذا الحديث أنه - صلى الله عليه وسلم - طافه راكبًا على بعير لم أر من صرَّح به بأنه أيَّ طواف كان من الأطوفة، هل هو طواف العمرة، أو طواف القدوم، أو طواف الزيارة، أو طواف الصدر؟ والظاهر أن الطواف الذي طافه راكبًا هو طواف الزيارة (١)، والله تعالى أعلم.

ثم رأيت "زاد المعاد" (٢) للشيخ ابن القيم قال فيه: ثم نزل إلى المروة يمشي، فلما انصبت قدماه في بطن الوادي سعى، حتى إذا جاوز الوادي وأصعَدَ مشى، هذا الذي صَحَّ عنه، هكذا قال جابر عنه في "صحيح مسلم" (٣)، وظاهر هذا: أنه كان ماشيًا، وقد روى مسلم في "صحيحه" (٤) عن أبي الزبير: أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: "طاف النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع على راحلته بالبيت، وبين الصفا والمروة ليراه الناس وَليُشْرِف"، و"لم يطف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلَّا طوافًا واحدًا" (٥).

قال ابن حزم: لا تعارض بينهما؛ لأن الراكب إذا انصب به بعيره فقد انصب كله، وانصبت قدماه أيضًا مع سائر جسده.

وعندي في الجمع بينهما وجه آخر أحسنُ من هذا، وهو أنه سعى ماشيًا أولًا، ثم أتمَّ سعيَه راكبًا، وقد جاء ذلك مصرَّحًا به، ففي "صحيح مسلم" (٦) عن أبي الطفيل قال: قلت لابن عباس: أخبرني عن الطواف بين الصفا والمروة راكبًا أسنة هو؟ فإن قومك يزعمون أنه سنَّة، قال: صدقوا وكذبوا، قال: قلت:


(١) به جزم النووي في "مناسكه" (ص ٢٦٣)، انتهى. ويؤيده أيضًا ما سيأتي في "باب الإفاضة في الحج" من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يرمل فيه. (ش).
(٢) "زاد المعاد" (٢/ ٢٢٨ - ٢٣٠).
(٣) "صحيح مسلم" (١٢١٨).
(٤) "صحيح مسلم" (١٢٧٣).
(٥) "صحيح مسلم" (١٢١٥).
(٦) "صحيح مسلم" (١٢٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>