للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ عُثْمَانُ: وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا،

===

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع بين المغرب والعشاء من غير تخلل شيء بينهما، فأفرد الإقامة لهما.

وأما أحاديث الإقامتين فمحمولة على أن بعض أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلوا المغرب ثم فعلوا بعض الأفاعيل وتخللوها بينهما، بأن أناخوا الإبل كما يدل عليه رواية أسامة بن زيد عند البخاري، وتعشَّوا كما يدل عليه رواية ابن أبي شيبة: "فلما أتى جمعًا أذن وأقام، فصلَّى المغرب ثلاثًا، ثم تعشى، ثم أذن وأقام، فصلَّى العشاء ركعتين"، معناه تعشى بعضهم بحضرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبإذنه.

وحاصل وجه الجمع أنه إذا صلاهما متصلًا لم يتخلل بين الصلاتين شيء صلاهما بإقامة واحدة لهما، وإذا صلاهما من غير اتصال بينهما صلاهما بإقامتين لكل واحدة منهما إقامة، وهذا الوجه سائغ في الأحاديث، كثير الوقوع فيها.

فالعجب من الشيخ ابن الهمام فإنه يقول: كيف يسوغ للمصنف أن يعتبر هذا حديثًا حجة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإنه جمع بين المتضادين لأنه يستلزم اعتقاد أنه تعشى ولا تعشى، وأفرد الإقامة ولا أفردها، والله الموفق وإلا فكيف يمكن.

(قال عثمان) أي ابن أبي شيبة شيخ المصنف: (ولم يسبح بينهما) أي بين المغرب والعشاء (شيئًا) ولم يقله باقي شيوخه، والمراد بالشيء النوافل والسنن، والمعتمد أنه يصلي بعدهما سنَّة المغرب والعشاء والوتر، وهذا مذهب الأحناف، وكذا عن الشوافع، فإنه قال النووي في "شرح مسلم": ومذهبنا استحباب السنن الراتبة، لكن يفعلها بعدهما لا بينهما.

وقال الحافظ في "الفتح" (١) في شرح حديث ابن عمر: "ولم يسبح


(١) "فتح الباري" (٣/ ٥٢٣، ٥٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>