ثمَّ اضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -
===
بينهما, ولا على إثر كل واحدة منهما": أي عقبها، ويستفاد منه أنه ترك التنفل عقب المغرب وعقب العشاء، ولما لم يكن بين المغرب والعشاء مهلة صرح بأنه لم يتنفل بينهما، بخلاف العشاء؛ فإنه يحتمل أن يكون المراد أنه لم يتنفل عقبها, لكنه تنفل بعد ذلك في أثناء الليل، ومن ثمة قال الفقهاء: تؤخر سنَّة العشائين عنهما.
ونقل ابن المنذر الإجماع على ترك التطوع بين الصلاتين بالمزدلفة؛ لأنهم اتفقوا على أن السنَّة الجمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة، ومن تنفل بينهما لم يصح أنه جمع بينهما، ويعكر على نقل الاتفاق فعل ابن مسعود الآتي في الباب الذي بعده.
(ثم اتفقوا) أي جميع شيوخه: (ثم اضطجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي للنوم بعد راتبة المغرب والعشاء والوتر كما في رواية.
فإن قيل: كيف ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التهجد وهو كان عليه - صلى الله عليه وسلم - فرضًا على قول طائفة من العلماء؟ !
قلت: ترك التهجد مبني على قول طائفة أن التهجد لم يكن عليه - صلى الله عليه وسلم - فرضًا، وصرح بذلك مولانا الشاه ولي الله في "حجة الله البالغة"، والشيخ بحر العلوم في "رسائل الأركان"، قال الشاه ولي الله (١): أقول: إنما لم يتهجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ليلة مزدلفة, لأنه كان لا يفعل كثيرًا من الأشياء المستحبة في المجامع، لئلا يتخذها الناس سنَّة، انتهى.
وقال مولانا بحر العلوم: وقوله: "ثم اضطجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى طلع الفجر": يدل دلالة واضحة على أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يصل صلاة الليل في تلك الليلة،