للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَدَفَعَ حِينَ غَابَتِ الشَّمْسُ". [ت ٨٨٥، جه ٣٠١٠، حم ١/ ١٥٧، خزيمة ٢٨٣٧]

===

وأخرج البيهقي في "سننه" (١) من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التفت بعرفة في النفر والناس يضربون، فقال: السكينة أيها الناس".

وهذه الأحاديث المختلفة تدل على أن حرف "لا" النافية على قوله: يلتفت، غير محفوظ (٢)، ولكن أخرج الإِمام أحمد هذا الحديث في "مسنده" مثل سند أبي داود من طريق يحيى بن آدم: ثنا سفيان، وفيه: "والناس يضربون الإبل يمينًا وشمالًا لا يلتفت إليهم" (٣)، وهاتان الروايتان تدلان على أن في رواية يحيى بن آدم عن سفيان حرف "لا" النافية موجودة، وليس من تصحيف النسَّاخ، بل الظن يشهد أنه من خطأ يحيى بن آدم، وإن كان محفوظًا فتوجيهه ما ذكرناه من قبل، والله أعلم.

ثم رأيت "فتح القدير" (٤) للشيخ ابن الهمام فإنه ذكر هذا الحديث فيه، وقال: أخرج الإِمام أبو داود والترمذي وابن ماجه عن علي - رضي الله عنه - ولفظه: "وجعل يشير بيده على هينته والناس يضربون يمينًا وشمالًا، فجعل يلتفت إليهم ويقول: أيها الناس عليكم السكينة"، وهذا أيضًا يدل أن حرف "لا" النافية ليس في الحديث (ودفع حين غابت الشمس).


(١) "السنن الكبرى" (٥/ ١١٩).
(٢) قال أبو الطيب شارح الترمذي: قال المحب الطبري: قال بعضهم: رواية الترمذي بإسقاط "لا" أصح، وقد تكررت "لا" هناك على بعض الرواة من قوله: شمالًا، انتهى. وعلى تقدير صحتها معناه: لا يلتفت إلى مشيهم ولا يشاركهم فيه، انتهى.
قلت: وما وجَّهه والدي في تقريره أوجه إذ قال: يلتفت بلَيِّ العنق فقط لا بجميعه. (ش).
(٣) قوله: "لا يلتفت"، قال السندي: هكذا بزيادة "لا" في هذه الرواية في نسخة "المسند" و"الترتيب"، وقد سبق "يلتفت" بدون زيادة "لا" وهو الأقرب معنى، وقد جاءت الرواية بزيادة "لا" في أبي داود أيضًا، فيحمل على أن المعنى: أنه لا يلتفت إلى مشيهم، ولا يشاركهم في فعلهم.
(٤) "فتح القدير" (٢/ ٤٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>