للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالَ: "فَلَا إِذًا". [خ ١٧٣٣، م ١٢١١، حم ١/ ٢٣٦، ق ٥/ ١٦٢]

===

(فقال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (فلا إذًا) أي إذا كانت طافت للزيارة فلا تحبسنا عن الرجوع إلى المدينة، أو فلا بأس برجوعها إلى المدينة من غير طواف الوداع.

قال الحافظ (١): وهذا مشكل؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - إن كان علم طواف الإفاضة فكيف يقول: "أحابستنا هي"، وإن كان ما علم فكيف يريد وقاعها قبل التحلل الثاني؟

ويجاب عنه بأنه - صلى الله عليه وسلم - ما أراد ذلك منها إلَّا بعد أن استأذنه نساؤه في طواف الإفاضة فأذن لهن، فكان بانيًا على أنها قد حلت، فلما قيل له: إنها حائض، جوَّز أن يكون وقع لها قبل ذلك، حتى منعها من طواف الإفاضة، فاستفهم عن ذلك، فأعلمته عائشة أنها طافت معهن، فزال عنه ما خشيه من ذلك، انتهى.

قال الشوكاني (٢): في الحديث دليل على وجوب طواف الوداع، قال النووي: وهو قول أكثر العلماء، ويلزم بتركه دم. وقال مالك وداود وابن المنذر: هو سنَّة، لا شيء في تركه. قال الحافظ (٣): والذي رأيته لابن المنذر في "الأوسط": أنه واجب للأمر به، إلَّا أنه لا يجب بتركه شيء.

قال ابن المنذر: قال عامة الفقهاء بالأمصار: ليس على الحائض التي أفاضت طواف الوداع. وروينا عن عمر بن الخطاب وابن عمر وزيد بن ثابت: أنهم أمروها بالمقام لطواف الوداع، فتقيم حتى تطوف. وقد ثبت رجوع ابن عمر وزيد بن ثابت عن ذلك، وبقي عمر، فخالفناه لثبوت حديث عائشة - رضي الله عنها -، ولثبوت حديث أم سليم عند الطيالسي (٤) أنها قالت: "حضت بعد ما طفت بالبيت، فأمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أنفر".


(١) "فتح الباري" (٣/ ٥٨٧).
(٢) "نيل الأوطار" (٣/ ٤٤٧، ٤٤٨).
(٣) انظر: "فتح الباري" (٣/ ٥٨٥).
(٤) أخرجه أبو داود الطيالسي (١٦٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>