للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

الثقات، وقد يقال: يمكن الجمع بينه وبين ما رووه بأن روايتهم أن صلاة الجماعة تعدل صلاة المنفرد بخمس أو سبع وعشرين، تحمل على أن هذا كان أولًا، ثم زيد هذا المقدار في المسجد الذي تقام فيه الجمعة، وكذا ما جاء أن صلاة في المسجد الأقصى بألف في سائر المساجد، وصلاة بمسجده عليه السلام بألف صلاة في المسجد الأقصى كان أولًا، ثم زيد فيهما، فجعل الأول بخمسين ألفًا في سائر المساجد، والثاني بخمسين ألفًا في الأقصى، ومسجد مكة بمائة ألف في مسجده عليه السلام، فتزداد المضاعفة على ما قدمناه أول الباب في مسجد مكة بأضعاف مضاعفة، فتأمله ضاربًا مائة ألف في خمسين ألف (١) ألف، انتهى.

وأما الاختلاف الواقع في زيارةِ قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -، والسفرِ له، وشدِّ الرحال إليه؛ فقال بعضهم: لا يجوز (٢) ذلك لهذا الحديث، والصواب عند الحنفية وغيرهم من الشافعية (٣) والمالكية: أنه يستحب ذلك؛ فإن النهي عن شد الرحال بالنسبة إلى المساجد لا إلى جميع البقاع، ولو سلم فاستثناء ثلاثة مساجد لأجل الفضل الذي فيها، ففضل قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - يقتضي أن يشد الرحال إليه، بل أولى أن يمشي إليه على الأحداق.

قال في "لباب المناسك"، و"شرحه" (٤): اعلم أن زيارة سيد المرسلين - صلى الله عليه وسلم - بإجماع المسلمين- من غير عبرة بما ذكره بعض المخالفين- من أعظم القربات، وأفضل الطاعات، وأنجح المساعي لنيل الدرجات، قريبة من درجة الواجبات،


(١) قلت: فيه أن الخمسين ألف المذكور أيضًا مضاعف بما قبله. (ش).
(٢) وممن قال بالمنع إمام الحرمين والقاضي حسين من الشافعية، ومن المالكية القاضي عياض، ومن الحنابلة ابن تيمية، كذا في "الإتحاف" (٤/ ٤٨٥). (ش).
(٣) وكذلك عند الحنابلة، كما في "الرحلة الحجازية القديمة"، وذكر له الدلائل والنصوص لمذهبهم. (ش).
(٤) "شرح اللباب" (ص ٥٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>