قال القرطبي في رواية:"لا تحرم الرضعة ولا الرضعتان، ولا المصَّة ولا المصَّتان"، وهو أنص ما في الباب، إلَّا أنه يمكن حمله على ما إذا لم يتحقق وصوله إلى جوف الرضيع، وقوى مذهب الجمهور بأن الأخبار اختلفت في العدد، وعائشة التي روت ذلك قد اختلف عليها فيما يعتبر من ذلك، فوجب الرجوع إلى أقل ما يطلق عليه الاسم، ويعضده من حيث النظر أنه معنى طارئ يقتضي تأبيد التحريم، فلا يشترط فيه العدد كالصهر، أو يقال مائع يلج الباطن فيحرم، فلا يشترط فيه العدد كالمني.
وأيضًا فقول عائشة - رضي الله عنها -: "عشر رضعات معلومات، ثم نُسِخْنَ بخمس معلومات، فمات النبي - صلى الله عليه وسلم - وهن مما يقرأ" لا ينتهض للاحتجاج على الأصح من قول الأصوليين؛ لأن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر، والراوي روى هذا على أنه قرآن لا خبر، فلم يثبت كونه قرآنًا، ولا ذكر الراوي أنه خبر ليقبل قوله فيه، والله أعلم، ملخص ما في "الفتح"(١).
٢٠٦٢ - (حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي، عن مالك، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة) - رضي الله عنها (أنها قالت: كان فيما أنزل الله من القرآن عشر رضعات يُحَرِّمْن، ثم نسخن بخمس معلومات يحرِّمن، فتوفي النبي - صلى الله عليه وسلم - وهن) أي: خمس رضعات (مما يقرأ من القرآن)، تعني أن بعض من لم يبلغه