للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ويستدل بقوله تعالى: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} (١)، فإن محل الحرث ليس إلَّا القبل.

وأما ما وقع من المناظرة بين الإِمام الشافعي، وبين الإِمام محمد بن الحسن، وقد ذكره الشوكاني (٢) والحافظ ابن حجر (٣)، فالذي أظن أن ما ينسب إلى الإِمام الشافعي من الاعتراض على الاستدلال بالآية فيبعد عن جنابه؛ بأن الإِمام محمد بن الحسن لما استدل بالآية على تحريم الوطء في الدبر، قال له الإِمام الشافعي: لو وطئها بين ساقيها، أو في أعكانها، أو تحت إبطها، أو أخذت ذكره بيدها، أفيحرم ذلك؟ قال محمد بن الحسن: لا. قال الشافعي: فلم تحتج بما لا حجة فيه؟ ! .

فهذا الكلام الذي دار بينهما لا يليق بصغار الطلبة، فضلًا عن الإمامين الهُمامين؛ لأنه ظاهر أن هذه الأفعال ليس بوطء، ولا إدخال، بل هو إلصاق البشرة بالبشرة.

نعم لو اعترض عليه بأن الرجل لو أدخل في فمها لكان له ذلك. ولكننا نقول: إن الإدخال في الفم يحرم، كما يحرم الوطء في الدبر، ولا قائل بجوازه (٤) أحد، فظني أن قصة المناظرة غلط.

وأما إنكار بعض أهل الحديث ثبوت الحرمة بالأحاديث الواردة فيه، فمبني على اعتبار أنه لم يثبت في هذا الباب كل واحد واحد من الأحاديث، لا باعتبار مجموعها، فإن مجموعها مثبت لها.


(١) سورة البقرة: الآية ٢٢٣.
(٢) "نيل الأوطار" (٤/ ٢٩٠ - ٢٩١).
(٣) "فتح الباري" (٨/ ١٩١).
(٤) فيه أن المسألة خلافية عند الحنفية، ذكر في "الفتاوى الهندية" فيه قولان: الكراهة وغيرها. (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>