وعلى أن من باع سلعة لا يملكها، ثم دخلت في ملكه لم يلزم ذلك البيع. ولو قال لامرأته: إن طلقتك فقد راجعتك، فطلقها لا تكون مرتجعة، فكذلك الطلاق.
قلت: وهذه معارضة فاسدة، أما الأول فإنه علَّق الإذن بالشرط، وبالإذن لا ينعقد النكاح، بل ينعقد بالإيجاب والقبول، ولم يتحققا، فكيف ينعقد النكاح على أن النكاح من الأمور التي لا يصح تعليقها بالشرط؟ ! فلو علق النكاح بالشرط، لم ينعقد لتعليقه بالحظر، وكذلك الثاني، أي مسألة البيع، فإن البيع أيضًا لا يصح تعليقه بالشرط، وكذلك الرجعة لا يصح تعليقها بالشرط.
(ولا بيع إلَّا فيما تملك)، فإذا باع شيئًا لا يملكه لا ينعقد البيع.
واختلف في بيع الفضولي، فإذا باع الفضولي، فعند الحنفية لا ينفذ بيعه لانعدام الملك، لكنه ينعقد موقوفًا على إجازة المالك، وعند الشافعي - رحمه الله - هو شرط الانعقاد أيضًا، حتى لا ينعقد بدونه. وأصل هذا أن تصرفات الفضولي التي لها مجيز حالة العقد منعقدة موقوفة على إجازة المجيز من البيع، والإجارة، والنكاح، والطلاق، ونحوها، فعندنا إن أجاز ينفذ، وإلَّا فيبطل، وعند الشافعي - رحمه الله - تصرفاته باطلة، واستدل بهذا الحديث، وفي سنده مطر الوراق، وهو متكلم فيه، وكذلك عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده تكلموا فيه.
واستدل الحنفية بما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أنه دفع دينارًا إلى حكيم ابن حزام - رضي الله عنه -، وأمره أن يشتري له أضحية، فاشترى شاتين، ثم باع إحداهما بدينار، وجاء بدينار وشاة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فدعا له بالبركة"، وقال عليه السلام: "بارك الله في صفقة يمينك"، ومعلوم أنه لم يكن حكيم مأمورًا ببيع الشاة، فلو لم ينعقد تصرفه لما باع، ولما دعا له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -