أي: ممسكة عن الحركة، وشرعًا: إمساك عن المفطر على وجه مخصوص.
قال الحافظ (١): ذكر بعض الصوفية أن آدم عليه السلام لما أكل من الشجرة، ثم تاب، تأخر قبول توبته، لما بقي في جسده من تلك الأكلة ثلاثين يومًا، فلما صفا جسده منها تيب عليه، ففرض على ذريته صيام ثلاثين يومًا، وهذا يحتاج إلى ثبوت السند فيه إلى من يقبل قوله في ذلك، وهيهات وجدان ذلك، انتهى.
قال الزرقاني: وشرع الصيام لفوائد: أعظمها كسر النفس، وقهر الشيطان، فالشبع نهر في النفس يَرِدُهُ الشيطان، والجوع نهر في الروح تَرِدُهُ الملائكة، ومنها: أن الغني يعرف قدر نعمة الله عليه بإقداره على ما منع منه كثيرًا من الفقراء من فضول الطعام والشراب والنكاح، فإنه من امتناعه عن ذلك في وقت مخصوص وحصول المشقة له بذلك يتذكَّر به من منع ذلك على الإطلاق، فيوجب ذلك شكر نعم الله عليه بالغنى، ويدعوه إلى رحمة أخيه المحتاج، ومؤاساته بما يمكن من ذلك.
وتعقيب المصنف بالصيام بعد الطلاق، فوجهه أن الأصل يقتضي أن يذكر بعد النكاح للمناسبة بين النكاح والصيام؛ لأجل أن الصوم تقييد للنفس كما أن النكاح تقييد للمرأة، وكذلك كما أن النكاح قاطع للشهوة كذلك الصيام قاطع لها، كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فإنه له وجاء"، ولكن لما كان الطلاق أنسب للنكاح, لأنه من توابعه ولواحقه ذكره بعده، ثم ذكر الصيام، والله تعالى أعلم.