للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

أو يتسحَّر وقال مالك في النافلة: لا يصوم إلَّا أن يُبَيِّت، إلا إن كان يسرد الصوم فلا يحتاج إلى التبييت، وقال أهل الرأي: من أصبح مفطرًا ثم بدا له أن يصوم قبل منتصف النهار أجزأه، وإن بدا له ذلك بعد الزوال لم يجزئه، قلت: وهذا هو الأصح عند الشافعية، انتهى.

قال النووى (١): في هذا الحديث دليل للجمهور في أن صوم النافلة يجوز نيته في النهار قبل زوال الشمس، وتأوَّله الآخرون على أن سؤاله: "هل عندكم شيء؟ "، لكونه كان نوى الصوم من الليل، ثم ضعف عنه وأراد الفطر لذلك، وهو تأويلٌ فاسدٌ، وتكلُّف بعيدٌ.

قال القاري (٢): قال ميرك: الحديث يدل على جواز إفطار النفل، وبه قال الأكثرون، وقال أبو حنيفة: يجوز بعذر، وأما بدونه فلا، وقال القاضي: دل الحديث على أن الشروع في النفل لا يمنع الخروج عنه، كما قال: الصائم المتطوع أمير نفسه، وقال أصحاب أبي حنيفة (٣): يجب إتمامه، ويلزمه قضاؤه إن أفطر، وقال مالك: يقضي حيث لا عذر له، واحتجوا بحديث عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بالقضاء، والحديث مرسل لا يقاوم الصحيح، على أن الأمر يحتمل الاستحباب كالأصل.

ولنا الكتاب والسنَّة والقياس، أما الكتاب فقوله تعالى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} (٤)، وقال تعالى: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا} (٥) الآية، سيقت في معرض ذمهم على عدم رعاية ما التزموه من القرب التي لم تكتب عليهم، والقدر المؤدى عمل كذلك، فوجب صيانته عن الإبطال بهذين النصين، فإذا أفطر وجب قضاؤه تفاديًا


(١) "شرح صحيح مسلم" (٤/ ٢٩١).
(٢) "مرقاة المفاتيح" (٤/ ٥٧٠).
(٣) وقال الشعراني (٢/ ٢٩٢): يجب إتمام صلاة التطوع وصوم التطوع عند أبي حنيفة ومالك، لا عند الشافعي وأحمد. (ش).
(٤) سورة محمد: الآية ٣٣.
(٥) سورة الحديد: الآية ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>