للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَا اعْتِكَافَ إلَّا فِى مَسْجِدٍ جَامِعٍ". [ق ٤/ ٣٢١]

===

وتعقب بأن في رواية شعبة عن عبيد الله عند مسلم "يومًا" بدل "ليلة"، فجمع ابن حبان وغيره بين الروايتين بأنه نذر اعتكاف يوم وليلة، فمن أطلق ليلة أراد بيومها، ومن أطلق يومًا أراد بليلته، وقد ورد الأمر بالصوم في رواية عمرو ابن دينار، عن ابن عمر صريحًا، لكن إسنادها ضعيف، وقد زاد فيها: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: اعتكف وصم"، أخرجه أبو داود والنسائي من طريق عبد الله بن بديل وهو ضعيف، كذا قال الحافظ في "الفتح" (١).

قلت: تكلم فيه ابن عدي، فقال: له أشياء تنكر من الزيادة والنقص، وغمزه الدارقطني ومشَّاه غيره، قال ابن معين: صالح، وذكره ابن حبان في "الثقات".

(ولا اعتكاف إلَّا في مسجد جامع)، قال الحافظ (٢): اتفق العلماء على مشروطية المسجد للاعتكاف، إلَّا محمد بن عمرو بن لبابة المالكي فأجازه في كل مكان، وأجاز الحنفية للمرأة أن تعتكف في مسجد بيتها، وهو المكان المعد للصلاة فيه، وفيه قول للشافعي قديم، وفي وجه لأصحابه وللمالكية يجوز للرجال والنساء, لأن التطوع في البيوت أفضل.

وذهب أبو حنيفة وأحمد إلى اختصاصه بالمساجد التي تقام فيها الصلوات، وخصَّه أبو يوسف بالواجب منه، وأما النفل ففي كل مسجد، وقال الجمهور بعمومه في كل مسجد إلَّا لمن تلزمه الجمعة، فاستحب له الشافعي في الجامع، وشرطه مالك, لأن الاعتكاف عندهما ينقطع بالجمعة، ويجب بالشروع عند مالك.

وخصه طائفة من السلف كالزهري بالجامع مطلقًا، وأومأ إليه الشافعي في القديم، وخصَّه حذيفة بن اليمان بالمساجد الثلاثة، وعطاء بمسجد مكة


(١) "فتح الباري" (٤/ ٢٧٤).
(٢) "فتح الباري" (٤/ ٢٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>