للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَأَخَذَ - يَعْنِى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم- الْفِدَاءَ, أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {مَا كَانَ لِنَبِىٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِى الأَرْضِ) إِلَى قَوْلِهِ: {لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ} (١) مِنَ الْفِدَاءِ

===

شاور رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر وعمر في أسارى بدر، فقال: إن الله قد مكّنكم منهم، فقام عمر فقال: يا رسول الله! اضرب أعناقهم، فأعرض عنه - صلى الله عليه وسلم -، ثم عاد فقال للناس مثل ذلك، فقام أبو بكر فقال: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نرى أن تعفو عنهم، وأن تقبل منهم الفداء عفاءً عنهم.

(فأخذ) أي: قبل واختار (يعني النبي - صلى الله عليه وسلم -، الفداء، أنزل الله عَزَّ وَجَلَّ) جواب لما {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى} أي: ما كان لنبي يحبس من عدوه الكفار أناسًا فيأخذ منهم الفدية {حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} أي: يبالغ في قتلهم فيها ويقهرهم قسرًا (إلي قوله: {لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ} من الفداء) {عَذَابٌ عَظِيمٌ}، وتمام الآية: {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، والآية الثانية: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}.

قصته أن جبرائيل عليه السلام نزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - في أسارى بدر فقال: إن شئتم أخذتم منهم الفداء ويستشهد منكم سبعون بعد ذلك، فنادى منادي النبي - صلى الله عليه وسلم - في أصحابه فجاءوا، فقال: إن هذا جبرئيل يخيركم بين أن تقدموهم فتقتلوهم وبين أن تفادوهم، ويستشهد في القابل منكم بعدتهم، فقالوا: بل نفاديهم فنتقوى به عليهم، وبدخل في القابل منا الجنة سبعون، فاختاروا الفدية إلا ابن الخطاب وسعد بن معاذ وعبد الله بن رواحة، فنزلت هذه الآية.

قال عمر: فلما كان من الغد جئت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا هو وأبو بكر قاعدان يبكيان، فقلت: يا رسول الله! أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك؟ فإن وجدتُ بكاءً بكيت، وإن لم أجد بكاء تباكيت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أبكي للذي عُرض على أصحابك في أخذهم الفداء، ولقد


(١) سورة الأنفال: الآية ٦٧ - ٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>