للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«مَنِ اتَّخَذَ كَلْبًا إلَّا كَلْبَ مَاشِيَةٍ أَوْ صَيْدٍ أَوْ زَرْعٍ انْتَقَصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ». [م ١٥٧٥، ت ١٤٩٠، جه ٣٢٠٤، حم ٢/ ٢٦٧، ن ٤٢٨٩]

===

من اتخذ) أي: اقتنى وأمسكه وربَّى (كلبًا إلَّا كلب ماشية) أي: غنم لحفظها (أو صيد) أي: للتصيد، أو لأخذ الصيد (أو زرع) أي: حراسة (انتقص من أجره كل يوم قيراط).

وفي رواية مسلم عن طريق الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة: "في كل يوم قيراطان"، فأما زيادة الزرع فأنكرها ابن عمر، ففي مسلم: "أن أبا هريرة يقول: أو كلب زرع، فقال ابن عمر: إن لأبي هريرة زرعًا"، ويقال: إن ابن عمر أراد بذلك الإشارة إلى تثبيت رواية أبي هريرة، وأن سبب حفظه لهذه الزيادة دونه أنه كان صاحب زرع دونه، ومن كان مشتغلًا بشيء احتاج إلى تعرف أحكامه.

واختلفوا في اختلاف الروايتين في القيراطين والقيراط، فقيل: الحكم الزائد لكونه حفظ ما لم يحفظه الآخر، أو أنه - صلى الله عليه وسلم - أخبر أولًا بنقص قيراط واحد فسمعه الراوي الأول، ثم أخبر ثانيًا بنقص قيراطين زيادة في التأكيد في التنفير من ذلك، فسمعه الراوي الثاني.

وقيل: ينزل على حالين: فنقصان القيراطين باعتبار كثرة الإضرار باتخاذها، ونقص القيراط باعتبار قلته، وقيل: يختص نقص القيراطين بمن اتخذها بالمدينة الشريفة خاصة، والقيراط بما عداها، وقيل: يلتحق بالمدينة في ذلك سائر المدن والقرى، ويختص القيراط بأهل البوادي، وهو يلتفت إلى معنى كثرة التأذي وقلَّته، ويحتمل أن يكون في نوعين من الكلاب، ففي ما لابسه آدمي قيراطان، وفي ما دونه قيراط.

قال ابن عبد البر: ووجه الحديث عندي أن المعاني المتعبد بها في الكلاب من غسل الإناء سبعًا لا يكاد يقوم بها المكلف ولا يتحفظ منها، فربما دخل عليه باتخاذها ما ينقص أجره من ذلك، ويروى أن المنصور سأل عمرو بن عبيد عن سبب هذ الحديث فلم يعرفه، فقال المنصور: لأنه ينبح الضيف ويروِّع السائل

<<  <  ج: ص:  >  >>