للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وكتب مولانا محمد يحيى المرحوم من تقرير شيخه - رحمه الله -: وإنما كان ذلك منَّة منه لكونه - صلى الله عليه وسلم - وارثه للعتاقة، وما روي من قوله: "لا نرث ولا نورث"، فزيادة "لا نرث" فيه غلط من الرواة (١)، والصحيح الاكتفاء بقوله: "لا نورث"، وذلك لأنه - صلى الله عليه وسلم - ورث من أبيه، وإنما أمر بالتصدق لأهل أرضه لكونهم أقرب إليه، فكان ذلك أقر لقلب الميت، انتهى.

قال في "السيرة الحلبية" (٢): وترك عبد الله خمسةَ أجمال (٣) وقطعةً من غنم، فوَرِثَ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أبيه، انتهى، أي: فهو - صلى الله عليه وسلم - يرث (٤) ولا يورث، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نحن معاشر (٥) الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة"، ودعوى بعضهم أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يرث بناته اللاتي مُتْنَ في حياته، فعلى تقدير صحته جاز أن يكون - صلى الله عليه وسلم - ترك أخذ ميراثه تعففًا.

وقال القاري (٦): قال القاضي - رحمه الله -: إنما أمر أن يعطي رجلًا من قريته تصدقًا منه أو ترفعًا، أو لأنه كان لبيت المال، ومصرفه مصالح المسلمين وسدُّ حاجاتهم، فوضعه فيهم لما رأى من المصلحة، فإن الأنبياء كما لا يُوْرَث


(١) وبه جزم الشيخ في "الكوكب" (٢/ ٣٩) و (٢/ ٥٣)، وينظر: "أوجز المسالك" (١٧/ ٥٤٣ - ٥٤٦).
(٢) (١/ ٨٥).
(٣) في الأصل: "رجال"، وهو تحريف، والتصويب من "السيرة الحلبية".
(٤) وبذلك جزم الشافعية، كما صرح به في "شرح الإقناع" (٣/ ٢٤٩) وهو المرجح عند المالكية كما في "الشرح الكبير" (٢/ ٢١٤)، قال ابن عابدين في "رسائله" (٢/ ٢٠٠): اضطرب فيه كلام أئمتنا، ففي "الأشباه والنظائر": لا يرثون، وظاهر ابن الكمال أنهم يرثون، قلت: وجزم في "مفيد الوارثين" بأنهم لا يرثون، وأجاب بما ورد، وبه جزم صاحب "المظاهر" وإليه يشير تعليل العيني (١٦/ ٧). (ش).
(٥) وقيل: الحكم خاص به - صلى الله عليه وسلم -، ولفظ الجمع مجاز، وسيأتي الكلام عليه في هامش "باب صفايا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". (ش).
(٦) "مرقاة المفاتيح" (٦/ ٢٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>