للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

أن يقتل فيه قتل، ولهذا كان عمر - رضي الله عنه - يسجن (١) فيه مرة، ويحلق فيه الرأس مرة، وجلد فيه ثمانين، وقد جلد فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر أربعين.

فقتلُه في الرابعة ليس حدًّا، وإنما هو تعزير بحسب المصلحة، وعلى هذا يتخرج حديث الأمر بقتل السارق إن صح، والله أعلم، انتهى.

وقال في "فتح الودود": والحديث يدل بظاهره أن السارق في المرة الخامسة يُقتَل، والفقهاء على خلافه، فقيل: لعله وُجِدَ منه ارتداد أوجب قتلَه، إذ لو كان مؤمنًا لَمَا فعلوا من اجترارِه وإلقائِه في البئر، إذ المؤمن وإن ارتكب كبيرة فإنه يُقبَر ويصلَّى عليه، لا سيما بعد إقامة الحد وتطهيره، وأما الإهانة بهذا الوجه فلا تليق بحال المسلم.

وقيل: بل الحديث منسوخ بحديث: "لا يحل دم امرئ مسلم" الحديث، وفيه أن الحصر في ذلك الحديث محتاج إلى التوجيه، فكيف يحكم بنسخ هذا الحديث؟ انتهى.

وقال الخطابي (٢): لا أعلم أحدًا من الفقهاء يبيح دمَ السارق وإن تكررت منه السرقة، وقد يخرج على مذهب بعض الفقهاء، وهو أن يكون هذا من المفسدين في الأرض، فإن للإمام أن يجتهد في تعزير المفسد، ويبلغ به ما رأى من العقوبة، وإن زاد على مقدار الحد وجاوزه، وإن رأى أن يقتل قتل (٣).

وهذا الحديث إن كان له أصل فهو يؤيد هذا الرأي، وقد يدل على ذلك من نفس الحديث أنه - صلى الله عليه وسلم - قد أمر بقتله لَمَّا جيء به أولَ مرة، ثم كذلك في الثانية، والثالثة، والرابعة إلى أن قُتِلَ في الخامسة، فقد يحتمل أن يكون هذا


(١) كذا في الأصل، وفي "تهذيب ابن القيم": ينفي، والله أعلم بالصواب.
(٢) "معالم السنن" (٣/ ٣١٤).
(٣) وفي "المعالم" بعده: ويعزى هذا الرأي إلى مالك بن أنس.

<<  <  ج: ص:  >  >>