للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا قِيلَ لَهُ: إِنَّ أَهْلَ الأَهْوَاءِ يَحْتَجُّونَ عَلَيْنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ. قَالَ مَالِكٌ: احْتَجَّ (١) عَلَيْهِمْ بِآخِرِهِ, قَالُوا: أَرَأَيْتَ مَنْ يَمُوتُ وَهُوَ صَغِيرٌ؟ قَالَ: «اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ».

===

خرخس، الفارسي، أبو يزيد المصري، قال ابن يونس: كان رجلًا صالحًا، روى الحارث بن مسكين عنه أشياء فاتته عن ابن وهب، قلت: وقال أبو عمرو الكندي: كان فقيهًا مُفتيًا، وهو أحد أوصياء الشافعي - رضي الله عنه -.

(قال: أنا ابن وهبٍ قال: سمعت مالكًا، قيل له: إن أهل الأهْواء يحتجون علينا بهذا الحديث) أي بقوله: "فأبواه يُهَوِّدانه وَيُنَصِّرانه" حيث نسب فيه التَّهويد والتنصِيْر إلى الآباء لا إلى الرَّب سبحانه وتعالى. والجواب: أن الإضافة مجازية؛ لكونه يحصل بملابستهم في العادة.

(قال مالك: احتجَّ عليهم) أي على أهل الأهواء (بآخره) أي آخر الحديث، وهو قوله: (قالوا: أرأيت من يموت وهو صغير؟ قال: اللهُ أعلم بما كانوا عاملين) أي بما قدر لهم من العمل.

قال الحافظ في "الفتح" (٢): وأخرج أبو داود، عن ابن وهب: "سمعت مالكًا، وقيل له: إن أهل الأهواء يحتجون علينا بهذا الحديث، يعني قوله: فَأَبَواه يُهَوِّدانِه ويُنَصِّرانه، فقال مالك: احتج عليهم بآخره: الله أعلم بما كانوا عاملين".

ووجه ذلك أن أهلَ القدَر استدلوا على أن الله فطر العباد على الإِسلام، وأنه لا يُضِلُّ أحدًا، وإنما يضل الكافر أبوه، فأشار مالك إلى الرد عليهم بقوله: "الله أعلم"، فهو دالٌ على أنه يعلم بما يصيرون إليه بعد إيجادهم على الفِطرة،


(١) في نسخة: "احتجوا".
(٢) "فتح الباري" (٣/ ٢٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>