للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَمَا يَكْفِيكَ أَنْ تُكَنَّى بِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ؟ فَقَالَ له: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَنَّانِي, فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ, وَإِنَّا في جَلْجَلَتِنَا (١) , فَلَمْ يَزَلْ يُكْنَى بِأَبِى عَبْدِ اللَّهِ حَتَّى هَلَكَ. [ق ٩/ ٣١٠].

===

فقال له عمر: أما يكفيك أن تكنى) بحذف إحدى التائين (بأبي عبد الله؟ فقال) مغيرة (له) أي لعمر: (إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كنّاني) أي بأبي عيسى (فقال) عمر: (إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قد غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه وما تأخر).

كتب مولانا محمَّد يحيى المرحوم في "التقرير": يعني بذلك -والله أعلم- أن من الأمور ما هو مكروه في حد ذاته، لا يخلو ارتكابه عن نوع جريمة، إلا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما فعلها لبيان الجواز لئلا تظن به الحرمة، فيغتفر له ما فيه من صورة الإثم والذنب ظاهرًا، بل ويثاب على ذلك، وليس هذا لغيره - صلى الله عليه وسلم -، فيؤاخذ بارتكاب هذا الفعل بعينه الذي أثيب عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -.

ثم وجه النهي عن التكني بأبي عيسى ما فيه من إيهام أن لعيسى النبي عليه السلام أبًا مع أنه ليس كذلك، فعيسى المضاف إليه لفظ الأب وإن لم يكن لعيسى النبي -عليه السلام-، إلا أن مجرد صدق اللفظ عليهما أورث شبهة وإيهامًا، ولعل تكنِّي الترمذي الحافظ نفسَه بأبي عيسى وقعت له قبل أن تبلغه الرواية، أو وقعت من آبائه لا من نفسه، أو يكون أحبّ التكني بما كنى به الرسول - صلى الله عليه وسلم - وإن حمله عمر على بيان الجواز، فارتكب هذه الكراهة لأجل موافقة هذه السنة، انتهى.

(وإنّا في جَلَجَتِنا) قال في "المجمع" (٢): قيل: الجلج في لغة أهل اليمامة حباب الماء، [كأنه] يريد تركنا في أمر ضيق كضيق الحباب، ومنه: إنا بعد في جلجتنا، (فلم يزل) أي المغيرة بن شعبة (يكنى بأبي عبد الله حتى هلك).


(١) في نسخة: "جَلْجَلَتنا".
(٢) "مجمع بحار الأنوار" (١/ ٣٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>