للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- الثالثة: قول الشيخ: ((إنّ الموقوف في حكم المرفوع لأنه لا يقال بمجرد الرأي كما لا يخفى)) فالجواب:

١ - أنّ كعب الأحبار ليس صحابياً، فما أدري هل الشيخ الألباني يرى أنّ ما جاء عن التابعي مما لا مجال للاجتهاد فيه له حكم الرفع (١) - كما هو مذهب ابن العربي (٢) - أو لا؟ يُنظر في قول الشيخ في هذه المسألة، وعلى كلّ حال فقد ثبت تعظيم الربا على الزنا من كلام عبد الله بن سلام وهو صحابي جليل من مسلمة أهل الكتاب.

٢ - أنّ العلماء نصوا على أنَّ الصحابي الذي يعرف عنه الأخذ عن أهل الكتاب لا يكون لكلامه حكم الرفع قال ابن حجر - عند ذكره فوائد حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: فُقدت أمةٌ من بني إسرائيل ولا يدرى ما فعلت، وإني لا أراها إلا الفأر، إذا وضع لها ألبان الإبل لم تشرب وإذا وضع لها ألبان الشاء شربت!، فحدثتُ كعباً فقال: أنتَ سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقوله؟ قلتُ: نعم، قال لي مراراً، فقلتُ: أفأقرأ التوراة (٣) -: ((وفيه أن أبا هريرة لم يكن يأخذ عن أهل الكتاب، وأنّ


(١) فائدةٌ: في ضابط ماله حكم الرفع عن الصحابة في هذه المسألة قال ابن حجر: ((والحقُ أنَّ ضابطَ ما يفسرهُ الصحابيُّ رضي الله عنه إنْ كَانَ مما لا مجالَ للاجتهاد فيهِ وَلا منقولاً عَنْ لسانِ العَرَبِ فَحُكمهُ الرّفع وَإلا فَلا، كالإخبارِ عَنْ الأمورِ الماضية مِنْ بدءِ الخلق، وَقَصص الأنبياء، وعن الأمور الآتية: كالملاحم والفتن والبعث وصفة الجنة والنار والإخبار عن عمل يحصل به ثواب مخصوص أو عقاب مخصوص، فهذه الأشياء لا مجال للاجتهاد فيها فيحكم لها بالرفع)) النكت (٢/ ٥٣١)، ونحوه في نزهة النظر (ص ٥٠).
(٢) فتح المغيث (١/ ١٥٢)، ولم ير أحمد شاكر هذا القول وقد بين رأيه فقال: ((ما يقوله التابعي كلام من كلامه فقط، حتى ولوكان مما ليس للرأي فيه مجال، فإنه لعله نقله عن ضعيف أو عن الإسرائيليات، أو لعله رأى أن ما يقوله يدخل تحت الاجتهاد)).شرح ألفية السيوطي (ص ٢٤).
(٣) أخرجه: البخاري (٣/ ١٢٠٣ رقم ٣١٢٩)، ومسلمٌ (٤/ ٢٢٩٤ رقم ٢٩٩٧) في صحيحهما.

<<  <   >  >>