للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طاعة لمخلوق في معصية الخالق) وحدث على أثره عن حماد بن يحيى الأبح عن يزيد الرقاشي عن أنس أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ (شيبتنى هود) فيشبه أنْ يكونَ التمتام كتب إسناد الأول، ومتن الأخير، وقرأه على الوركاني فلم يتنبه إليه، وأما لزوم تمتام كتابه وتثبته فلا ينكر (١)،

ولا ينكر


(١) وذلك أنّ من سنن المحدثين وطرائقهم التي ساروا عليها أنّ المحدث إذا كان صحيح الكتاب، معتنياً بضبطه وسلامته، ثم أنكر عليه حديث فأخرج كتابه كان ذلك دليلاً على صحة روايته، قَالَ أبوداود: سمعت الحلواني يقول: أوَّل من أظهر كتابه روح بن عبادة، وأبو أسامة، قَالَ الخطيب البغداديّ: يعني أنهما رويا ما خولفا فيه، فاظهرا كتبهما حجة لهما على مخالفيهما إذ روايتهما عن حفظهما موافقة لما في كتبهما - تاريخ بغداد (٨/ ٤٠٢) -.

وَقَالَ حسينُ بنُ حبان: ((قلتُ ليحيى بن معين: ما تقولُ في رجلٍ حدّث بأحاديث منكرة فردها عليه أصحاب الحَدِيث، إن هو رجع وَقَالَ: ظننتها، فأما إذ أنكرتموها علي فقد رجعت عنها؟ فَقَالَ: لا يكون صدوقا أبدا، ... فقفلت ليحيى: ما يبرئه؟ قَالَ: يخرج كتاباً عتيقا فيه هذه الأحاديث، فإذا أخرجها في كتاب عتيق فهو صدوق، فيكون شبه له وأخطأ كما يخطئ الناس فيرجع عنها)) (الكفاية ص ١١٨ - ١١٩).
بل إنّ المحدثين جرحوا عدداً من الرواة بسبب تغييرهم أصولهم منهم: سفيان بن وكيع، وعلي بن عاصم وغيرهما، وبعضهم جرح بسبب أنه لُقِّنَ فَغَيِّر أصل كتابه، وقد كان يفعل هذا الشيء محمد بن حميد الرازي فَأُنكِر عليه ذلك، قَالَ أبوحاتم الرازي: سألني يحي بن معين عن ابن حميد من قبل أن يظهر منه ما ظهر، فَقَالَ: أي شيء تنقمون عليه؟ فقلتُ: يكون في كتابه شيء فنقول: ليس هذا هكذا إنما هو كذا وكذا، فيأخذ القلم فيغيره على ما نقول، فَقَالَ: بئس هذه الخصلة - الجَرْح والتَّعديل (٧/ ٢٣٢) -.
وقد جعل يعقوب بن شَيْبَة تغيير الشيخ لما في أصله أشد الأشياء التي سمعها في روح بن عبادة، فَقَالَ: ((ولم أسمع في روح شيئاً أشد عندي من شيء دفع إلى محمد بن إسماعيل صاحبنا كتاباً بخطه نسخت منه - فكان فيه - حَدَّثنَا عفان قَالَ حدثني غلام من أصحاب الحَدِيث يقال له عمارة الصيرفي أنه كان يكتب عن روح بن عبادة هو وعلي بن المديني، فحدثهم بشيء عن شُعْبَة عن منصور عن إبراهيم، قَالَ فقلت له: هذا عن الحكم؟ قَالَ: فَقَالَ روحٌ لعلي بن المديني: ما تقول؟ قَالَ: صدق هو عن الحكم، قَالَ: فأخذ روح قلماً فمحى منصور وكتب الحكم، قَالَ عفان: فسألتُ علي بن المديني - وعمارة معي - فَقَالَ: صدق، قد كان هذا)) - تاريخ بغداد (٨/ ٤٠٣) -
فلا ينكر أنْ يصر محمد بن غالب على ما في كتابه لأنه يرى صحته، وإن كان في واقع الأمر هذه الرواية خطأ كما نبه على ذلك الحفاظ موسى بن هارون، وإسماعيل القاضي وغيرهم، وبين ذلك الدَّارقُطني، ومتى ما كثر هذا الخطأ في كتاب الراوي ونبه وأصر كان ذلك دليلا على عدم ضبطه.
وانظر للفائدة: - التنكيل (١/ ٤١، ٤٨٠) -.

<<  <   >  >>