للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من حيث هو كذلك (والألم) وهو إدراك ونيل لما هو عند المدرك آفة وشر من حيث هو كذلك، ولا يخفى أن إدراك هذين المعنيين ليس بشىء من الحواس الظاهرة، وليس أيضا من العقليات الصرفة؛ لكونهما من الجزئيات المستندة إلى الحواس، بل من الوجدانيات المدركة بالقوى الباطنة ...

===

تدركه بنفسها،

و(قوله: عند المدرك) متعلق بكمال وخير أى: لما تكون كماليته وخيريته عند المدرك وهو النفس

(قوله: من حيث هو كذلك) أى: كمال وخير، وإنما قال ذلك؛ لأن الشىء قد يكون كمالا وخيرا من وجه دون وجه، فالالتذاذ به إنما يكون من ذلك الوجه.

(قوله: وهو إدراك ونيل لما هو عند المدرك آفة وشر) لا يخفى عليك مفاد قيود الألم من مفاد قيود اللذة، ثم إن كلا من تعريف اللذة والألم المذكورين يشمل عقلىّ كلّ منهما وحسيّه، فعقليّهما ما يكون المدرك فيه بالكسر مجرد العقل، والمدرك بالفتح من المعانى الكلية وذلك كاللذة التى هى إدراك الإنسان شرف العلم، والألم الذى هو إدراك الإنسان نقصان الجهل وقبحه، فشرف العلم كمال عند القوة العاقلة، ولا شك أنها تدركه وتستلذ به، ونقصان الجهل آفة عند القوة العاقلة، ولا شك أنها تدركه وتتألم به، وحسيّهما كإدراك النفس نيل القوة الذائقة لمذوقها الحلو أو المر أى: تكيفها به ونيل القوة الباصرة لمبصرها الجميل أو الخبيث، ونيل القوة الشامّة لمشمومها (*) الطيب أو المنفر، فهذه اللذات والآلام كلها مستندة للحس من حيث إنه سبب فيها، فالذوق مثلا إنما يدرك حلاوة الحلو وليست الحلاوة هى نفس اللذة بل هى إدراك النفس لتكيف الذوق بمذوقه الحلو

(قوله: ولا يخفى أن إدراك هذين المعنيين) أى: اللذة والألم،

و(قوله: ليس بشىء من الحواس الظاهرة) أى: لأن هذين المعنيين إدراكان، والإدراك معنى من المعانى، والحواس الظاهرة لا تدرك المعانى

(قوله: وليسا) أى: هذان المعنيان من العقليات الصرفة، أى: حتى أنهما يدركان بالعقل،

و(قوله: الصرفة) أى: التى لا يتعلق بها إحساس أصلا كالعلم والحياة

(قوله: لكونهما من الجزئيات إلخ) أى: والعقليات الصرفة التى تدرك


(*) وقعت فى المطبوع: لشمومها وما أثبت الأولى مناسبة لسياق العبارة وهو ما أثبته صاحب مواهب الفتاح.

<<  <  ج: ص:  >  >>