للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأقول: الكناية لا تنافى التجريد على ما قررناه ولو كان الخطاب لنفسه لم يكن قسما بنفسه بل داخلا فى قوله.

(ومنها مخاطبة الإنسان نفسه) وبيان التجريد فى ذلك أن ينتزع من نفسه شخصا آخر مثله فى الصفة التى سيق لها الكلام ثم يخاطبه (كقوله:

لا خيل عندك تهديها ولا مال ... فليسعد النّطق إن لم يسعد الحال (١)

===

حاصله أن الخلخالى زعم أن كلام المصنف فى جعل هذا أى قوله ولا يشرب كأسا بكف من بخلا تجريدا فى الكناية لا يصح، لأن الخطاب فى قوله يا خير من يركب المطى إن كان لنفسه فهو تجريد؛ لأنه صير نفسه أمامه فخاطبها، وإنما يصيرها كذلك بالتجريد وإذا كان هذا تجريدا فقوله: ولا يشرب كأسا بكف من بخلا كناية عن الكريم فيكون وصفا للمجرد أولا ولا تجريد فى الكناية نفسها لأن التجريد وقع أولا والكلام فى كون الكناية تتضمن تجريدا مستقلا ولم يوجد على هذا وإن كان الخطاب لغيره كان قوله: ولا يشرب كأسا بكف من بخلا كناية عن الكريم الذى هو ذلك المخاطب بواسطة دلالته على أنه يشرب بكف كريم، مع العلم بأن الكف كفه وليس من التجريد فى شىء

(قوله: وأقول) أى: فى الرد على ذلك البعض

(قوله: الكناية لا تنافى التجريد) رد لقوله وإلا فليس إلخ، وقوله ولو كان الخطاب لنفسه إلخ رد لقوله: إن كان الخطاب لنفسه فهو تجريد، وحاصل كلام الشارح اختيار أن الخطاب لغيره والتجريد حاصل، وكونه كناية لا ينافى التجريد وأن كون الخطاب لنفسه صحيح والتجريد حاصل معه إلا أنه لا يصح حمل كلام المصنف عليه؛ لأنه لا يكون حينئذ قسما برأسه، والمصنف جعله قسما برأسه.

(قوله: ومنها مخاطبة الإنسان نفسه) أى: من أقسام التجريد ما تدل عليه مخاطبة الإنسان لنفسه؛ لأن المخاطبة ليست من أنواع التجريد وإنما تدل عليه؛ وذلك لأن المخاطب يكون أمام الإنسان ولا يخاطب نفسه حتى يجعلها أمامه ولا يجعلها أمامه حتى يجرد منها شخصا آخر يكون مثله فى الصفة التى سيق لها الكلام ليتمكن من خطابه، وحينئذ فمخاطبة الإنسان نفسه تستلزم التجريد

(قوله: مثله فى الصفة التى سيق إلخ) أى: كفقد المال والخيل فى البيت الآتى

(قوله: لا خيل عندك تهديها ولا مال) أى: لا


(١) البيت للمتنبى ٢/ ٢٥٠ فى ديوانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>