للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورد قوله تعالى: وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً (١) حيث لم يقل: إن يردن، فإن قيل: تعليق النهى عن الإكراه بإرادتهن التحصن يشعر بجواز الإكراه عند انتفائها على ما هو مقتضى التعليق بالشرط- أجيب بأن القائلين بأن التقييد بالشرط ...

===

نفس الأمر، لا إظهار الرغبة القائمة بالمتكلم- كذا فى الفنرى. وفى ابن يعقوب أن إظهار رغبته تعالى فى وقوع الشىء إظهار إيجابه وطلبه طلبا جازما

(قوله: وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ) الفتيات: الإماء، والبغاء: الزنى، كانت الجاهلية تكره الإماء على الزنا ويأتين لهم بالدراهم، فجاء الإسلام بتحريم ذلك.

(قوله: إن أردن تحصنا) أى: عفة، فقد جىء بلفظ الماضى، وهو أردن، ولم يقل يردن مع أن النهى عن الإكراه المعلق على ذلك استقبالى حيث قيل ولا تكرهوا إلخ: للدلالة على رغبة المولى سبحانه فى إرادتهن التحصن أى: للدلالة على رضا المولى بذلك أو على أن هذا الأمر طلبه المولى طلبا جازما على ما مر

(قوله: تعليق النهى) أى:

وهو قوله لا تكرهوا إلخ: والتعليق من حيث إنه الجزاء فى المعنى أو حقيقة على ما مر من الخلاف

(قوله: يشعر بجواز الإكراه عند انتفائها) أى: لأن قوله إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً يقتضى بمفهوم المخالفة أنهن إذا لم يردن تحصنا يجوز للموالى إكراههن على البغاء مع أنه لا يجوز أصلا

(قوله: أجيب إلخ) وأجيب أيضا بأن التقييد بالشرط لموافقة الواقع؛ لأنه لا يتأتى الإكراه عند انتفاء إرادة التحصن؛ لأنهن إذا أردن عدم التحصن كان أمرهن بالزنا موافقا لغرضهن، والطالب للشىء لا يتصور إكراهه عليه، وإن لم يردن تحصنا ولا عدمه، بل كن غافلات فلا يتأتى الإكراه؛ لأن الإكراه إنما هو للممتنع، غاية الأمر أن فى أمرهن بالزنا تنبيها لهن إن كن غافلات، وأما ما قيل من أن الإكراه يتصور مع إرادة البغاء بأن تريد الأمة البغاء مع شخص أو فى مكان فيكرهها على البغاء مع غير ذلك الشخص، أو فى غير ذلك المحل فغير صحيح؛ لأن الإكراه حينئذ ليس على البغاء، بل على تعيين الفاعل أو المحل

(قوله: بأن القائلين إلخ) أى: وهم القائلون باعتبار مفهوم الشرط


(١) النور: ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>