للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

- وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((الفجر فجران؛ فأما الفجر الذي يكون كذنب السرحان، وهو الكاذب فلا يُحِل الصلاة ولا يُحرم الطعام، وأما الفجر الذي يذهب مستطيلاً في الأفق، وهو الفجر الصادق فإنه يُحل الصلاة ويُحرم الطعام)) (١).

وبهذا يُعلم أن الفجر فجران: فجر كاذب يطلع أولاً، ويظهر نوره على شكل ذنب السرحان (الذئب) - أي: عموداً في الأفق ومن الأسفل دقيقا ومن الأعلى كبيراً عريضاً - وفجر صادق، يطلع بعد الفجر الكاذب، ويكون موازياً للأفق .. وزمن ما بينهما من ١ - ٢٥ دقيقة تتفاوت حسب فصول السنة.

ولأجل هذا شُرع للفجر أذانان؛ الأول: مع الفجر الكاذب، وهو تنبيهي، ينبه على قرب طلوع الفجر الصادق، وغايته: أن يتعجل المتسحِّر، ويستيقظ النائم، ويرجع القائم، ويتجهز الناس للصلاة، وهذا الأذان لا يُحرم الطعام، ولا يُحل صلاة الفجر، ويسمى في بعض البلدان - خطأً - أذان الإمساك! إذ يلزمون الناس - غلواً - أن يمسكوا عن الطعام عند سماعة قبل الفجر الصادق، وهذا الأذان الأول هو الذي يقال فيه: (الصلاة خير من النوم).

والأذان الثاني: أذان الفجر الصادق، وهو الذي يُحرم الطعام للصائم، ويُبيح صلاة الفجر للمصلي، غير أن الشارع قد استثنى من ذلك حالة واحدة وهي: مَن كان يأكل وأذَّن المؤذِّن للفجر الصادق، فيباح له قضاء حاجته من الطعام على وجه العجلة ... وذلك لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا سمع أحدكم النداء، والإناء على يده، فلا يضعه، حتى يقضي حاجته منه)) (٢).

والمقصود بالأذان هاهنا: أذان الفجر الصادق لما يلي:

الأول: إباحة الرسول - صلى الله عليه وسلم - الطعام بعد الأذان الأول آذان الفجر الكاذب، ((فأما الفجر الذي يكون كذنب السرحان فلا يُحل الصلاة، ولا يُحرم الطعام))، وعلى هذا؛ فسواء كان الطعام على يده أو ليس عليها، فإنه يباح للصائم الأكل بعد الفجر الكاذب، ولذا؛ فلا معنى لحمل الحديث على الأذان الأول.

الثاني: قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن بلالاً يؤذن بليل ... ))، ومن المعلوم أن الطعام لم يحرم للصائم في الليل - بالكتاب والسنة والإجماع -.


(١) - صحيح الجامع [٤٢٧٨]
(٢) - صحيح الجامع [٦٠٧].

<<  <   >  >>