للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وقلنا) (١): لا شك في فَصْلِ العرب بين قول من يقول: لا حرج عليك فعلتَ أو تركتَ، وبين قوله: افعل؛ فإن الصيغة الأخيرة مقتضاها طلب لا محالة، وليس في الإباحة من الطلب شيء. فقد لاح سقوط الإباحة عن متضمَّن الصيغة، ولم يبق إلا الندب، والندب من ضرورةِ معناه التخييرُ في الترك، وليس في قول القائل: افعل - تخييرٌ في الترك أصلًا.

وقد تعين الآن أن نبوح بالغرض الحق، ونقول: "افعل" طلبٌ محضٌ لا مساغ له لتقدير الترك، فهذا مقتضى اللفظ المجرد عن القرائن.

فإن قيل: فهذا مذهب الشافعي - رضي الله عنه - وأتباعه، وهو المصير إلى اقتضاء اللفظ إيجابًا.

قلنا: ليس كذلك؛ فإن الوجوب عندنا لا يعقل دون التقييد بالوعيد على الترك، وليس ذلك مقتضى تمحيض الطلب. فإذًا الصيغة لتمحيض الطلب، والوجوب مستدرك (٢) من الوعيد (٣). هذا لفظه ثم قال: "وأنا أبني على منتهى الكلام شيئًا يُقَرِّبُ ما اخترتُه من مذهب الشافعي، فأقول: ثبت في موضوع الشرع أن التمحض (٤) في الطلب مُتَوَعَّد (٥) على تركه، وكلما يكون كذلك فلا يكون إلا واجبًا" (٦) انتهى.


(١) سقطت من (ت).
(٢) في (غ): "يستدرك".
(٣) أي: مُحَصَّل من الوعيد.
(٤) في البرهان ١/ ٢٢٣: "التمحيض".
(٥) في (ت)، و (ص)، و (غ): "مُوَعَّد". والمثبت من (ك)، وهو موافق لما في البرهان ١/ ٢٢٣.
(٦) البرهان ١/ ٢٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>