للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحاصل هذا الذي اختاره حَمْلُ الصيغة على الاقتضاء والطلب، وقصار المستفاد منها من جهة اللسان الطلب الجازم، وكون هذا الطلب مُوَعَّدًا عليه شيءٌ آخر ثابتٌ في أوامر الشرع بالدليل الخارجي، فالوجوب مستفاد بهذا التركيب من (١) اللغة والشرع. فقد وافق القائلين بالوجوب، وإنْ كان قد خالفهم في هذا التركيب. ونقل المازَري (٢) في "شرح البرهان" هذا الذي اختاره إمام الحرمين عن الشيخ أبي حامد الإسفراييني وقال (٣): "إنه صَرَّح به وسبقه إلى اختياره، فأشار إلى أن الأمر يقتضي حصر المأمور على الفعل، فاقتضاه منه اقتضاءً جزمًا، ولكن إذا ثبت هذا مِنْ جهة اللسان ثبت بعده الوعيد".

وهذا الذي اختاره الشيخ أبو حامد وإمام الحرمين هو المختار عندنا (٤)، فإن الوعيد لا يستفاد من اللفظ بل هو أمر (٥) خارجي عنه،


(١) في (غ)، و (ك): "بين".
(٢) هو الإمام أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر التميميّ المازَرِيّ - نسبة لمازَر: بُليدة من جزيرة صِقِلِّيَّة، بفتح الزاي وقد تكسر، وصِقِلِّيَّة: جزيرة من جزر بحر المغرب مقابلة إفريقية - المالكيّ، الشيخ العلَّامة، والبحر المتفنِّن. قال القاضي عياض رحمه الله: "لم يكن في عصره للمالكية في أقطار الأرض أفقه منه، ولا أقْوَمُ بمذهبهم. . .". من مصنفاته: المُعْلِم بفوائد شرح مسلم، وشرح "البرهان" لأبي المعالي الجويني، وشرح "التلقين" لعبد الوهاب المالكي، وليس للمالكية كتاب مثله، كذا قال ابن فرحون، وغيرها. توفي - رحمه الله -. بمدينة المهديَّة من إفريقية سنة ٥٣٦ هـ. انظر: سير ٢٠/ ١٠٤، الديباج المذهب ٢/ ٢٥٠.
(٣) في (غ): "قال".
(٤) وكذا اختاره الزركشي في البحر ٣/ ٢٨٨، ٢٨٩، وانظر: شرح المحلي مع البناني ١/ ٣٧٦, ٣٧٧.
(٥) سقطت من (غ).

<<  <  ج: ص:  >  >>