للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكنا نقول: المنقول عن الشافعي أن الصيغة تقتضي الوجوب، ومراده الصيغة الواردة في الشرع؛ إذْ لا غرض له في الكلام في شيءٍ غيرها, ولم يصرح الشافعي بأن اقتضاءها للوجوب مستفادٌ منها، فلعله يرتضي هذا التركيب ويقول به، ويكون ما ذهب إليه الشيخ أبو حامد وإمام الحرمين هو الذي ذهب (١) إليه إمامهما - رضي الله عنه -.

واعلم أن هذا المذهب المختار مغايرٌ للمذهبين اللذين حكيناهما عند حكاية القول بالوجوب: في أن ذلك هل هو بالشرع أو اللغة؟ فتصير المذاهب أربعة: الوجوب بالشرع، والوجوب باللغة، والوجوب بضم الشرع إلى اللغة، وعدمُ الوجوب.

فإن قلت: كيف يقال: بأن الوجوب مستفاد مِنْ وضع اللغة؟

قلت: هو بعيد، كما أشرنا إليه، ولكنه هو مذهب مُصَرَّح به، كما عرفت. وممن ذكره الشيخ أبو إسحاق (٢)، والقاضي أبو بكر في "مختصر التقريب" لإمام الحرمين وقال: "إن الأكثرين من القائلين بأن الصيغة تقتضي الوجوب عليه، وأنه كذلك بأصل الوضع؛ لأنه قد ثبت في إطلاق أهل اللغة تسمية مَنْ خالف مطلق الأمر عاصيًا، وتقريعه وتوبيخه بالعصيان عند مجرد ذِكْر الأمر، ولا يستوجب التوبيخ إلا بترك واجب، فاقتضى ذلك دلالة الأمر المطلقِ على الوجوب" (٣).


(١) سقطت من (ت).
(٢) وصححه، كما سبق بيانه. انظر: شرح اللمع ١/ ٢٠٦.
(٣) انظر: التلخيص ١/ ٢٦٩, بتصرف واختصار من الشارح.

<<  <  ج: ص:  >  >>