للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكرتم، بل التكليف في الحال - يعني: قبل المباشرة - تكليفٌ بالإيقاع في ثاني الحال، يعني: حال المباشرة.

واعترض المصنف على هذا الجواب: بأن الإيقاع المكلَّفَ به إن كان نفس الفعل فالتكليف به في الحال. أي: حالَ قبلَ الفعل محالٌ؛ وذلك (١) لأنه يلزم من امتناع التكليف بالفعل قبل مباشرته امتناع التكليف بالإيقاع، إذ الفرض (٢) أن الإيقاع هو نفس الفعل (٣).

وإنْ كان الإيقاع غير الفعل فيعود الكلام إليه، أي: إلى هذا الإيقاع الذي كُلِّف به، ويقال: هذا الإيقاع الذي وقع التكليف به إنْ وقع التكليف به حالَ وقوع الإيقاع - لزم المدعى: وهو توجه التكليف حال المباشرة. وإن وقع التكليف به قبله - لزم أن يكون مكلفًا بما لا قدرة له عليه؛ لأنا قررنا أن القدرة مع الفعل.

فإنْ قلت: التكليف - قبل الإيقاع - بإيقاع الإيقاع في ثاني الحال.

قلت: يعود الكلام إليه أيضًا، ويُقال: إيقاع الإيقاع الذي كُلِّف به إما أن يكون نفس الفعل، أو غيره، ويتسلسل؛ فتعيَّن أن يكون توجه التكليف حال المباشرة لا قبلها.

قوله: "قالوا" إشارةٌ إلى حجةٍ ذَكَرها المعتزلة: وهي أنَّ الفعل حال


(١) تعليل لاستحالة التكليف في الحال.
(٢) في (ص): "الغرض" - بالغين - وهو خطأ.
(٣) فكما امتنع التكليف بالفعل قبل المباشرة، لا بد أن يمتنع الإيقاع؛ لأنهما شيء واحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>