للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيء شيئًا يشترون، والمخصوص بالذم في كلا التقديرين محذوف وهو الثمن القليل، وحَسُنَ حذفه لكونه معلومًا.

{لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٨٨) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٨٩) إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (١٩٠)}:

قوله عز وجل: (لا يحسبن الذين يفرحون) قرئ: (لا يَحْسِبَنَّ) بالياء النقط من تحته (١) مسندًا إلى {الَّذِينَ}، فالذين فاعلون به.

واختلف في مفعوليه، فقيل: هما محذوفان، وإنما حُذف مفعولاه؛ لأن قوله: (فلا يحسِبُنَّهم بمفازة) على قراءة من قرأ بالياء النقط من تحته مع ضم الباء (٢) تأكيدٌ للحسبان الأول.

وقيل: بدل منه، فاستغني بمفعولي الحسبان الثاني عن مفعولي الحسبان الأول؛ لأن الفاعل فيهما واحد، وإنما جيء بالثاني على وجه التأكيد، والفاء على هذا مزيدة، والمعنى: لا يحسبن الذين يفرحون أنفسهم فائزين، فأنفسهم مفعول أول، وفائزين ثانٍ، دلّ على الأول: الهاء والميم في (فلا يَحْسِبُنَّهُمْ) وعلى الثاني: {بِمَفَازَةٍ}، ونظيره قول الشاعر:

١٤١ - بأَيِّ كتابٍ أم بأيّةِ سُنَّةٍ ... ترى حُبَهُم عارًا عليَّ وتَحْسَبُ (٣)


(١) قرأها بالياء الابنان، والمدنيان، وأبو عمرو، كما نسبها ابن مهران إلى يعقوب. انظر السبعة ٢١٩ - ٢٢٠، والحجة ٣/ ١٠٠ - ١٠١، والمبسوط/ ١٧١/، والتذكرة ٢/ ٣٠٠، والنشر ٢/ ٢٤٦.
(٢) هي قراءة ابن كثير، وأبي عمرو كما في التخريج السابق. مع ملاحظة أن أبا عمرو يكسر السين في (يحسِبن) في كل القرآن، لذلك فالضبط عليه.
(٣) البيت من قصيدة طويلة للكميت بن زيد في مدح آل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو من شواهد الحجة ٣/ ١٠٥، والمحتسب ١/ ١٨٣، والمحرر الوجيز ٣/ ٣١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>