للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- الأول: التسليم لنصوص الكتاب والسنة الصحيحة، من غير قيد أو شرط.

يقول أبو القاسم التيمي (١) - رحمه الله -: " وليس لنا مع سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأمر شيء إلا الاتباع والتسليم، ولا يعرض على قياس ولا غيره، وكل ما سواها من قول الآدميين تبع لها، ولا عذر لأحد يتعمد ترك السنة، ويذهب إلى غيرها؛ لأنه لا حجة لقول أحد مع قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صح" (٢).

وفي هذا يقول الطحاوي (٣) - رحمه الله -: " ولا تثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام" (٤).

- الثاني: تضمن الأدلة النقلية للأدلة العقلية:

قال ابن تيمية - رحمه الله -: " والقرآن قد دل على الأدلة العقلية التي بها يعرف الصانع وتوحيده وصفاته وصدق رسله، وبها يعرف إمكان المعاد، ففي القرآن من بيان أصول الدين التي تعلم مقدماتها بالعقل الصريح ما لا يوجد مثله في كلام أحد من الناس، بل عامة ما يأتي به حذاق النظار من الأدلة العقلية يأتي القرآن بخلاصتها وبما هو أحسن منها" (٥).

عليه فإن الأدلة النقلية تضمنت الأدلة العقلية (٦)، مما يبين أن الأدلة العقلية الصحيحة موجودة في الكتاب والسنة؛ فلا نحتاج بعد ذلك إلى أن نفرض دليلاً عقلياً خارجاً عنهما ندعي به نصرة الدين وهو في الحقيقة معارض للدين (٧).


(١) هو إسماعيل بن محمد بن الفضل بن علي التيمي الأصبهاني أبو القاسم، المعروف بقوام السنة، سلفي شافعي، من مؤلفاته: الحجة في بيان المحجة، وشرح عقيدة أهل السنة، ودلائل النبوة، وسير السلف الصالحين وغيرها، توفي سنة ٥٣٥ هـ.
ينظر: سير أعلام النبلاء (٢/ ٨)، شذرات الذهب (٤/ ١٠٥).
(٢) الحجة في بيان المحجة (٢/ ٤٢٦).
(٣) هو: أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي الحنفي، محدث الديار المصرية ومفتيها، برز في علوم كثيرة، وله مؤلفات نافعة منها شرح العقيدة الطحاوية، توفي سنة ٣٢١ هـ.
ينظر: وفيات الأعيان (١/ ٧١ - ٧٢)، سير أعلام النبلاء (١٥/ ٢٧ - ٣٣)، البداية والنهاية (١١/ ١٧٤)، لسان الميزان (١/ ٢٧٤ - ٢٨٢).
(٤) شرح الطحاوية (١/ ٢٣١ - ٢٣٢).
(٥) مجموع الفتاوى (١٢/ ٨١).
(٦) ذكر ابن تيمية رحمه الله: أن بعض أئمة المتكلمين كانوا يعترفون بأن القرآن قد بين الأدلة العقلية، يقول: " وأئمة المتكلمين يعترفون بأن القرآن بين الأدلة العقلية كما يذكر ذلك الأشعري وغيره، وعبد الجبار بن أحمد وغيره من المعتزلة" مجموع الفتاوى (١٦/ ٤٧٠).
(٧) لذلك نلحظ أن نقد أهل السنة وردهم كان لهذا النوع مما يسميه أهله بالعقليات، وهو في حقيقته من الباطل الذي عارضوا به النصوص، فأهل السنة لم يطعنوا في جنس الدليل العقلي، بل طعنوا في الباطل الذي سمي عقلاً وهو في حقيقته جهل.
ينظر: الدليل العقلي عند السلف (ص ٦٩).

<<  <   >  >>