للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا تَطْلُبَنَّ مِنْ غيرِ حَظٍّ رُتْبَةً ... قَلمُ البَلِيغِ بِدونِ حَظٍّ مِغْزَلُ (١)

يعني بالبليغ الناثرَ المتطلِّبَ لرتبة الكاتبة الديوانية أو الوزارة.

وابتدأ المؤلفُ بحالةِ العصر الجاهلي، فقصر كلامَه على الخطباء؛ إذ لم تكن في الجاهلية رسائل. واعتبر المؤلفُ من عصر الجاهلية العصرَ الذي عُنِيَ الأدباءُ بتدوين آثاره دون ما قبل ذلك، فقد قيل إنه مضى عصرٌ كان الشاعرُ فيه يُعَدُّ أرفعَ منزلةً من الخطيب. قال ابنُ رشيق في "العمدة" في باب التكسب بالشعر: إن الشاعر كان "في مبتدأ الأمر أرفعَ منزلةً من الخطيب، لحاجتهم إلى الشعر في تخليد المآثر، وشدة العارضة، وحماية العشيرة، وتهيُّبِهم عند شاعر غيرهم من القبائل، فلا يُقْدِمُ عليهم خوفًا من شاعرهم على نفسه وقبيلته. فلما تكسَّبوا به، وجعلوه طعمة، وتولوا به الأعراضَ وتناولوها، صارت الخطابةُ فوقه". (٢) وهو مأخوذٌ من كلام الجاحظ عن أبي عمرو بن العلاء، كما سيأتي قريبا.

ووقع في كلام المؤلف "الزعامة"، وهي الشرفُ وسيادة القوم. ووقع فيه لفظ "السَّماطين"، وهو تثنيةُ سِماط بكسر السين، وهو الصف. وأراد سِمَاطيْ المجمع من الناس؛ إذ يقف كلُّ شيعة سماطًا مقابلَ سماطِ ضدهم، ووقع مثلُ هذا اللفظ في


(١) لم أجده في اللزوميات ولا في سقط الزند، وقد ذكر ابن كثير وابن خلكان البيتين التاليين منسوبين للمعري، حيث جاء أولهما مختلفًا قليلًا عما أورده المصنف، وهما:
لَا تَطْلُبَنَّ بِآلَةٍ لَكَ رُتْبَةً ... قَلَمُ البَلِيغِ بِغَيْرِ جَدٍّ مِغْزَلُ
سَكَنَ السِّمَاكَانِ السَّمَاءَ كِلَاهُمَا ... هَذَا لَهُ رُمْحٌ وَهَذَا أَعْزَلُ
ابن كثير: البداية والنهاية، ج ١٥، ص ٧٥٣؛ ابن خلكان، أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر: وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، تحقيق إحسان عباس (بيروت: دار صادر، ١٤١٤/ ١٩٩٤)، ج ١، ص ١١٤. هذا ومعنى البيت كما أورده المصنف أقوم.
(٢) الصحيح أن ابن رشيق لم يذكر هذا الكلام على أنه رأي له، وإنما نسبه لغيره بعبارة "قالوا". القيرواني: العمدة، ج ١، ص ٨٨. وهذا الرأي لأبي عمرو بن العلاء كما ذكر الجاحظ، وسيورد المصنف كلامه بعد قليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>