للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنصر المبين إننا في لحظة الانفعلات العاطفية والخط الدعوي الإعلامي كثيرا ما نستعمل هذه المقولة والأشخاص الطغاة الذين يحكمون بغير شريعة الله أصنام يجب أن تحطم.

والطغاة حين يصرون على الكفر لا بد أن يسقطوا أو يحطموا. هذا لا شك فيه، ولكن عظمة الإسلام هو في الاغتيال النفسي لهؤلاء الطغاة وإعادة تركيبهم من جديد على ضوء الإسلام فتكون معادلة البناء سهلة في هذا المجال ونحن حين نغزو قلوب عظماء الرجال. ونحتلها بهذا الإسلام العظيم، نكون قد قطعنا شوطا كبيرا في مجال الدعوة من خلال البنيان القبلي والعشائري الذي يجعل للقبيلة الدور الضخم في شرائح الجهاد الإسلامي.

فخالد بن الوليد الذي حطم العزى كان في مرحلة من المراحل من طواغيت مكة. وكان صنما يجب أن يحطم على حد مقولتنا الإعلامية العاطفية لكن عظمة الإسلام أن جعلت منه الأداة التي حطمت العزى في الأرض العربية وقل هذا القول بالنسبة لعمرو بن العاص رضي الله عنه الذي كان أحد طواغيت مكة الكبار. وتم على يديه هدم سواع. وكان من الممكن أن يكون هدف تحطيمه معركة طاحنة. وقل مثل ذلك بالنسبة لأبي سفيان رضى الله عنه الذي كان أكبر الطواغيت في مكة. فلقد كان هدفا بحد ذاته. ولطالما بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من يغتاله، وشاءت إرادة الله تعالى أن لا ينجح مشروع اغتياله. وبالتالي يدخل ضمن مخطط الهدى النبوي، فيكون الأداة بعد أشهر فقط في هدم اللات مع المغيرة بن شعبة.

إنها نقلة ضخمة في عالم العظام أن تسير بهم برفق وبعبقرية من الجاهلية إلى الإسلام وتحولهم من هدف للتحطيم إلى أداة تحطم بها معالم الكفر. وبالتالي تفقه الحركة الإسلامية الفرق بين الخطين المذكورين. وبمقدار ما تراعى أعماق النفس الإنسانية. وتستلم مفتاحها وتوجد الهزة الشعورية التي تنقلها إلى حظيرة الإسلام. بمقدار ما ترمي وراء ظهرك هذه المشاعر جميعا عند بناء العقيدة وتهديم معالم الكفر، وعدم إعطاء أي وزن لغضب النفوس من جراء تحطيم معالم الجاهلية وكان أقصى حد من التساهل في هذا المجال هو أن يعفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القوم من هدم أصنامهم بيدهم، دون أن يكون تأجيل الهدم موضع مساومة، وأنت قادر على ذلك.

لكن هذا لا يمنع أبدا من القول: إن هذا المبدأ لم يكن هو المبدأ السائد في كل المراحل ونستطيع أن نلاحظ الموقف من الأصنام إنه قد مر بمراحل متعددة:

أولى هذه المراحل: يوم نهى الإسلام عن سب هذه الأصنام. وكان هذا في مرحلة البناء الأولى في مرحلة تأسيس الدعوة.

<<  <  ج: ص:  >  >>