للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رابعاً هبة المعدوم؛ كالذي تحمل أمته أو شجرته؛ لأن المعدوم ليس بشيء، فلا يقبل العقد.

واختار شيخ الإسلام: جواز هبة المجهول، وهبة المعدوم، وقال في هبة غير المقدور على تسليمه: (اشتراطه هنا فيه نظر، بخلاف البيع)؛ لأن عقود التبرعات لا تضر الجهالة فيها؛ لأنه إما غانم أو سالم، بخلاف عقود المعاوضات فتضر الجهالة فيها؛ لأنه إما غارم أو غانم.

وعلى هذا فيقال: (كل ما أبيح الانتفاع به صحت هبته).

- مسألة: (وَتَنْعَقِدُ) الهبة (بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهَا عُرْفاً) من قول أو فعل؛ كأن يقول: وهبتك وأعطيتك، وكإرسال هدية، ودفع دراهم لفقير، ونحوه؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان يُهدي ويهدى إليه، ويعطي ويعطى له، وأصحابه يفعلون ذلك، ولم ينقل عنهم في ذلك لفظ إيجاب ولا قبول، ولا أمر به ولا بتعليمه لأحد، ولو وقع لنقل نقلًا مشهورًا، واختاره شيخ الإسلام، وتقدم في أول كتاب البيع.

- مسألة: (وَتَلْزمُ) الهبة (بِقَبْضِـ) ـها، ولا تلزم قبل ذلك؛ لحديث عائشة رضي الله عنها: أن أبا بكر رضي الله عنه نحلها جداد عشرين وسْقًا من ماله بالعالية، فلما مرض قال: «وَاللهِ يَا بُنَيَّةُ، مَا مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ غِنًى بَعْدِي مِنْكِ، وَلَا أَعَزَّ عَلَيَّ فَقْرًا بَعْدِي مِنْكِ، وَإِنِّي كُنْتُ نَحَلْتُكِ جَادَّ عِشْرِينَ وَسْقًا، فَلَوْ كُنْتِ جَدَدْتِيهِ وَاحْتَزْتِيهِ كَانَ لَكِ، وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْمَ مَالُ وَارِثٍ، وَإِنَّمَا هُمَا أَخَوَاكِ، وَأُخْتَاكِ، فَاقْتَسِمُوهُ عَلَى كِتَابِ اللهِ»، وروي أيضًا نحوه عن عمر [عبدالرزاق ١٦٥٠٩،

<<  <  ج: ص:  >  >>