وقوله تعالى: {وَقَالوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ}.
قال قتادة: (يقول: ولو أنهم أنزلنا إليهم ملكًا، ثم لم يؤمنوا، لم يُنْظَروا).
وقال السدي: ({وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ}، يقول: لجاءهم العذاب).
وقال مجاهد: {لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ} في صورته، {وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ}، لقامت الساعة).
كما في التنزيل: {مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ} [الحجر: ٨].
وكذلك: {يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا} [الفرقان: ٢٢].
وقوله تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ}.
أي: لو أنزلنا ملكًا من السماء مصدقًا لك يا محمد، لجاءهم في صورة رجل، إذ لا تطيق أبصارهم رؤية الملك على صورته، ولحصل الالتباس عليهم فلم يدروا أملك هو أم إنسيّ. قال ابن عباس: {وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ}، يقول: لشَبَّهْنَا عليهم). أي: ولخلطنا عليهم ما يخلطون.
قال قتادة: (ما لبَّسَ قوم على أنفسهم إلا لَبَّسَ الله عليهم. واللَّبْس إنما هو من الناس). وقال السدي: (شبهنا عليهم ما يشبِّهون على أنفسهم). وقال الضحاك: (لو أتاهم ملك ما أتاهم إلا في صورة رجل، لأنهم لا يستطيعون النظر إلى الملائكة من النور).
وفي التنزيل: {قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا} [الإسراء: ٩٥].
وقوله تعالى: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ}.
يُسَلّي الله سبحانه نبيّه -صلى الله عليه وسلم- مما يلقى من تكذيب قومه وعنادهم، بأن هذه كانت طبيعة في أقوام إخوته الرسل قبله، فصبروا على ما كذبوا حتى جاءهم نصر الله وفرجه، ونزل بالمكذبين نكال ما كذبوا واستهزؤوا. قال السدي: (وقع بهم العذاب الذي استهزؤوا به).